responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سياست نامه = سير الملوك المؤلف : نظام الملك    الجزء : 1  صفحة : 113
والآلام وانفقت كل مَا أخذت معي من مَال وعدت بِالْحَال الَّتِي تراني عَلَيْهَا لَا ألوي على شَيْء إِنَّنِي فِي حَاجَة الان إِلَى أبريقي الذَّهَب اللَّذين أدخرتهما عنْدك لمثل هَذِه الْأَيَّام العصيبة وَلم يجب القَاضِي بِقَلِيل أَو كثير حَتَّى أَنه لم يُكَلف نَفسه أَن يسألني مَا تَقول أَنْت وَمَعَ من ونهض إِلَى حجرته وَتَرَكَنِي فعدت كسير الْفُؤَاد وَكنت أخجل لما كنت فِيهِ من حَال سَيِّئَة وعري ان أذهب إِلَى منزل أحد أصدقائي وَذَوي قرباي بل كنت أَنَام فِي الْمَسْجِد لَيْلًا وأتوارى فِي إِحْدَى الزوايا نَهَارا وَلم أطيل عَلَيْك الْقِصَّة لقد طرقت مَعَه الْمَوْضُوع مرَّتَيْنِ لكنه لم يجب بِشَيْء وَفِي الْيَوْم السَّابِع كَلمته بحدة وَشدَّة فَقَالَ لي إِنَّك مصاب بالهوس وَإِن عقلك قد تبلد من تَعب الطَّرِيق وغبارها فَأخذت تهذي كثيرا لست أعرفك وَلَيْسَ لدي خبر مِمَّا تَقول أما الرجل الَّذِي تذكر اسْمه فَكَانَ شَابًّا وسيم الْوَجْه ممتلىء الْجِسْم بهي الطلعة جميل الملبس قلت أَيهَا القَاضِي أَنا نَفسِي ذَلِك الشَّاب لَكِن سَبَب هزالي وصفرتي مَا قَضيته من عَيْش سيىء فِي تِلْكَ الْمدَّة أما قبح وَجْهي وصفرة لَونه فَلَيْسَ إِلَّا بِمَا أصبت بِهِ من جروح قَالَ إنهض وَلَا تصدع رَأْسِي إنهض وامض بالسلامة قلت أَيهَا القَاضِي لَا تفعل هَذَا اتَّقِ الله فَبعد هَذِه الدَّار دَار أُخْرَى وَلكُل عمل ثَوَاب وعقاب قَالَ لَا تتعبني قلت لَك من الذَّهَب حصتان ولي خمس فَلَنْ يجب قلت أَيهَا القَاضِي لَك أحد الإبريقين حَلَالا طيبا فَرد لي الاخر فإنني فِي عوز شَدِيد وَمَعَ هَذَا أوقع لَك بَرَاءَة تَامَّة بِشَهَادَة شُهُود عدُول بِأَن لَيْسَ بذمتك شَيْء قَالَ القَاضِي لقد أضناك الْجُنُون وَهَا أَنْت ذَا تَدور فِي فلكه حَتَّى لأستطيع أَن أحكم بجنونك وامر بإدخالك المستشفى ووضعك بالسلاسل والقيود بِحَيْثُ تبقى ثمَّة مَا دمت حَيا
فَخفت وأيقنت أَن الرجل صمم على غصبي ذهبي وان النَّاس سيجرون على كل مَا يحكم بِهِ ونهضت بِرِفْق وَخرجت من عِنْده وَأَنا أردد الْمثل الْقَائِل بالملح يدرء فَسَاد اللَّحْم فَبِمَ يدرء فَسَاد الْملح ان القَاضِي مصدر كل الْأَحْكَام فَمن ذَا يسل الْعدْل مِنْهُ إِذا ظام فَلَو كَانَ عضد الدولة عادلا لما كَانَت عشْرين الْألف دِينَار بيد القَاضِي وَلما وصلت إِلَى مَا أَنا فِيهِ من جوع أَو تخليت عَن طمعي بِمَالي وملكي ومرتع صباي
لما سمع الْمنْهِي من الرجل حِكَايَة حَاله تألم لَهُ ورق لحاله وَقَالَ أَيهَا الْفَتى الشهم إِنَّمَا تَأتي الامال بعد الْيَأْس وكل أَمرك إِلَى الله فَهُوَ عز وَجل الَّذِي يدبر أُمُور الْعباد ثمَّ قَالَ لَهُ لي فِي هَذِه الْقرْيَة صديق شهم مضياف وَأَنا ذَاهِب لزيارته فَهَل لَك وَقد راقتني رفقتك أَن نقضي الْيَوْم وَاللَّيْلَة فِي بَيته وننتظر مَا يَجِيء بِهِ غَد وَمضى

اسم الکتاب : سياست نامه = سير الملوك المؤلف : نظام الملك    الجزء : 1  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست