responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 8
مَسَائِلِ الْأَحْكَامِ وَالْخُصُومَاتِ.
وَقَدْ جَرَى النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى عَادَةِ غَيْرِهِ مِنْ الْمُؤَلِّفِينَ فِي تَسْمِيَةِ تَآلِيفِهِمْ بِمَا يَخْتَارُونَهُ لَهَا مِنْ الْأَسْمَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى مَا يُرِيدُونَهُ فِيهَا وَكَلَامُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّسْمِيَةَ كَانَتْ بَعْدَ كَمَالِ النَّظْمِ وَتَمَامِهِ وَهَذِهِ التَّسْمِيَةُ مُشْعِرَةٌ بِأَنَّ لِلنَّاظِمِ كَلَامًا عَلَى الْوَثَائِقِ وَهُوَ إنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى الْأَحْكَامِ خَاصَّةً وَأَجَابَ وَلَدُهُ بِأَنَّ الْفِقْهَ الْمَذْكُورَ فِي النَّظْمِ هُوَ الَّذِي بُنِيَتْ عَلَيْهِ الْعُقُودُ وَرُسِمَتْ عَلَيْهِ الْوَثَائِقُ فَمَعْرِفَتُهُ طَرِيقٌ لِمَعْرِفَةِ مَا عُقِدَ فِي الْوَثَائِقِ وَطَرِيقَةُ التَّوْثِيقِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الِاحْتِيَاطِ وَالْحَزْمِ وَالْخُرُوجِ عَنْ الْخِلَافِ وَارْتِكَابِ الْوَجْهِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ وَالْخُصُومَاتِ، وَذَلِكَ كَاشْتِرَاطِهِمْ إذْنَ الْمَضْمُونِ عَنْهُ لِلضَّامِنِ فِي الضَّمَانِ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ عَدَمَ اشْتِرَاطِهِ وَسَيَقُولُ النَّاظِمُ
وَلَا اعْتِبَارَ بِرِضَا مَنْ ضَمِنَا
وَكَإِنْزَالِ الْمُشْتَرِي فِيمَا اشْتَرَاهُ مِنْ الْأُصُولِ أَيْ إقْبَاضَهُ إيَّاهَا وَذَلِكَ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ الَّذِي فِي انْتِقَالِ الضَّمَانِ هَلْ هُوَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ إلَّا مَعَ الْقَبْضِ فَلِلْخُرُوجِ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ يَقُولُ الْمُوَثِّقُونَ فِي وَثَائِقِهِمْ وَنَزَلَ الْمُبْتَاعُ فِيمَا ابْتَاعَ، وَأَبْرَأ الْبَائِعَ مِنْ دَرْكِ الْإِنْزَالِ؛ لِأَنَّهُ بِنُزُولِهِ فِيمَا ابْتَاعَ يُسْقِطُ الضَّمَانَ عَنْ الْبَائِعِ بِاتِّفَاقٍ.
وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ الْإِمَامُ سَيِّدِي عَبْدُ الْوَاحِدِ الْوَنْشَرِيسِيُّ فِي نَظْمِ إيضَاحِ الْمَسَالِكِ لِوَالِدِهِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - فِي تَرْجَمَةِ الْبَيْعِ هَلْ هُوَ الْعَقْدُ فَقَطْ أَوْ الْعَقْدُ وَالْقَبْضُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْإِنْزَالَ.
وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ أَشْهُبَا ... أَوْرَدَهُ الْمُوَثِّقُونَ الْكُتُبَا
إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِهِمْ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الِاحْتِيَاطِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَالْفِقْهُ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ كُتُبُ الْأَحْكَامِ هُوَ لُبَابُ الْفِقْهِ وَمَنْخُولُهُ.
وَذَاكَ لَمَّا أَنْ بُلِيتُ بِالْقَضَا ... بَعْدَ شَبَابٍ مَرَّ عَنِّي وَانْقَضَى
وَإِنَّنِي أَسْأَلُ مِنْ رَبٍّ قَضَا ... بِهِ عَلَيَّ الرِّفْقَ مِنْهُ فِي الْقَضَا
وَالْحَمْلَ وَالتَّوْفِيقَ أَنْ أَكُونَا ... مِنْ أُمَّةٍ بِالْحَقِّ يَعْدِلُونَا
حَتَّى أُرَى مِنْ مُفْرَدِ الثَّلَاثَةِ ... وَجَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ لِي وِرَاثَهْ
الْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إلَى النَّظْمِ تَسْمِيَتُهُ (وَلَمَّا) بِمَعْنَى حِينَ، (وَأَنْ) بَعْدَهَا زَائِدَةٌ عَلَى حَدِّ {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا} [العنكبوت: 33] وَبُلِيتُ مَعْنَاهُ اُمْتُحِنْت بِخُطَّةِ الْقَضَاءِ فَبِالْقَضَاءِ يَتَعَلَّقُ بِبُلِيتُ وَكَذَا بَعْدَ شَبَابٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ صِفَةً، أَوْ حَالًا مِنْ الْقَضَاءِ (وَالشَّبَابُ) الصِّبَا وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ الشَّبَابُ الْحَدَاثَةُ وَكَذَا الشَّبِيبَةُ وَأَشَارَ بِالْبَيْتِ إلَى بَيَانِ وَقْتِ نَظْمِهِ لِهَذِهِ الْأُرْجُوزَةِ وَهُوَ حِينَ وِلَايَتِهِ خُطَّةَ الْقَضَاءِ وَقَدْ كَانَتْ وِلَايَتُهُ لَهَا بِمَدِينَةِ وَادِي آشٍ فِي شَهْرِ صَفَرٍ مِنْ عَامِ عِشْرِينَ وَثَمَانِ مِائَةٍ إلَى أَنْ نُقِلَ عَنْهَا إلَى قَضَاءِ الْجَمَاعَةِ بِالْحَضْرَةِ وَذَلِكَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ عَامِ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَثَمَانِ مِائَةٍ كَذَا قَالَ وَلَدُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَعْنِي بِالْحَضْرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ حَضْرَةَ غَرْنَاطَةَ أَعَادَهَا اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ ثُمَّ سَأَلَ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يَرْفُقَ بِهِ فِيمَا قَضَى بِهِ فِي أَزَلِهِ وَجُمْلَةُ قَضَى بِهِ عَلَيَّ صِفَةٌ (لِرَبٍّ) ، (وَالرِّفْقَ) مَفْعُولُ أَسْأَلَ.
(وَالْحَمْلَ وَالتَّوْفِيقَ) مَعْطُوفَانِ عَلَى الرِّفْقِ وَالْحَمْلِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ قُوَّةَ الْحَمْلِ سَأَلَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُعِينَهُ عَلَى حَمْلِ أَعْبَاءِ هَذِهِ الْخُطَّةِ الْعَظِيمَةِ وَأَنْ يُوَفِّقَهُ فِيهَا إلَى الصَّوَابِ لَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف: 181] حَتَّى يَرَى مُفْرَدَ الثَّلَاثَةِ وَأَشَارَ بِهِ إلَى مَا خَرَّجَهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ اثْنَانِ فِي النَّارِ وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ، رَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَلَمْ يَقْضِ بِهِ وَجَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ لَمْ يَعْرِفْ الْحَقَّ فَقَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ» وَجُمْلَةُ
وَجَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ لِي وِرَاثَهْ
فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ نَائِبِ أُرَى، (الْجَنَّةَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ الْحَدِيقَةُ ذَاتُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَالْفِرْدَوْسُ قَالَ الْفَرَّاءُ الْفِرْدَوْسُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْبُسْتَانُ الَّذِي فِيهِ الْكَرْمُ وَمَعْنَى كَوْنِهَا وِرَاثَةً لَهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا.

اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 8
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست