responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 318
يُعْطِيَهُ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَأَمَّا مِنْ جِنْسِهِ فَاقْتِضَاءٌ أَيْضًا
(قَالَ الشَّارِحُ) وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِمَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهِ مِنْ أَنْ يَبِيعَ الدَّيْنَ بِمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ بِهِ حَاضِرًا، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا - حُضُورُ الْمَدِينِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَإِقْرَارُهُ بِبَقَاءِ الْحَقِّ قِبَلَهُ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ وَالْمَدِينُ غَائِبٌ أَوْ مُنْكِرٌ وَثَانِيهِمَا - تَعْجِيلُ الثَّمَنِ الْمَدْفُوعِ فِيهِ؛ لِئَلَّا يَكُونَ فَسْخَ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَمِنْ هُنَالِكَ لَا يَجُوزُ دَنَانِيرُ فِي دَرَاهِمَ، وَلَا دَرَاهِمُ فِي دَنَانِيرَ، عَلَى تَأْخِيرِ الْمَدْفُوعِ لَحْظَةً؛ لِأَنَّهُ صَرْفُ مُسْتَأْخَرٍ ثُمَّ قَالَ: وَفِي مُفِيدِ ابْنِ هِشَامٍ، مِنْ مُخْتَصَرِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، مَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ مِنْ عَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ، فَلَهُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ غَرِيمِهِ قَبْلَ مَحَلِّهِ، أَوْ بَعْدَهُ بِثَمَنٍ يَتَعَجَّلُهُ فَإِنْ كَانَ دَنَانِيرَ، أَوْ دَرَاهِمَ بَاعَهُ بِعَرَضٍ، وَإِنْ كَانَ عَرَضًا بَاعَهُ بِعَيْنٍ أَوْ بِعَرَضٍ يُخَالِفُهُ نَقْدًا قَالَ سَحْنُونٌ: بِمَحْضَرِ الْغَرِيمِ وَإِقْرَارِهِ اهـ.
وَالظَّاهِرُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ بَيْعَ الدَّيْنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الَّتِي فِي الْمُفِيدِ لِلْمَدِينِ نَفْسِهِ جَائِزٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ. وَإِنْ صَالَحْتَهُ عَلَى عَشَرَةِ أَرْطَالٍ، مِنْ لَحْمِ شَاةٍ وَهِيَ حَيَّةٌ لَمْ يَجُزْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنْ اسْتَهْلَكَ لَك بَعِيرًا، لَمْ يَجُزْ أَنْ تُصَالِحَهُ عَلَى بَعِيرٍ مِثْلِهِ إلَى أَجَلٍ، لِفَسْخِكَ مَا وَجَبَ لَك مِنْ الْقِيمَةِ فِي ذَلِكَ لَوْ صَالَحْتَهُ عَلَى دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ، لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَتْ كَالْقِيمَةِ فَأَدْنَى، وَكَانَ مَا اُسْتُهْلِكَ مِمَّا يُبَاعُ بِالدَّنَانِيرِ بِالْبَلَدِ جَازَ، وَيَجُورُ عَلَى دَرَاهِمَ نَقْدًا، أَوْ عَلَى عَرَضٍ نَقْدًا بَعْدَ مَعْرِفَتِكُمَا بِقِيمَةِ الْمُسْتَهْلَكِ مِنْ الدَّنَانِيرِ، وَلَا يَجُوزُ إلَى أَجَلٍ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُبَاعُ بِالدَّرَاهِمِ؛ جَازَ الصُّلْحُ عَلَى دَرَاهِمَ مُؤَجَّلَةٍ مِثْلِ الْقِيمَةِ فَأَدْنَى، وَلَا يَجُوزُ عَلَى دَنَانِيرَ أَوْ عَرَضٍ إلَّا نَقْدًا بَعْدَ مَعْرِفَتِكُمَا بِقِيمَةِ الْمُسْتَهْلَكِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَإِنْ شَرَطْتُمَا تَأْخِيرَ ذَلِكَ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ تَعَجَّلْتَهُ بَعْدَ الشَّرْطِ لَمْ يَجُزْ؛ لِوُقُوعِهِ فَاسِدًا وَكَذَلِكَ إنْ ادَّعَيْتَ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَ لَك غَنَمًا أَوْ مَتَاعًا، فَالصُّلْحُ فِيهِ عَلَى عَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ يَجْرِي عَلَى وَصْفِنَا.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ ذَبَحَ لِرَجُلٍ شَاةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ فَصِيلًا " فَإِنْ كَانَ لَحْمُ الشَّاةِ لَمْ يَفُتْ؛ لَمْ يَجُزْ أَنْ تُصَالِحَهُ بِشَاةٍ إذْ لَهُ أَخْذُهَا مَذْبُوحَةً فَصَارَ لَحْمًا بِحَيَوَانٍ وَإِنْ فَاتَ اللَّحْمُ فَجَائِزٌ نَقْدًا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِقِيمَةِ الشَّاةِ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَ لَهُ صُبْرَةَ قَمْحٍ لَا يَعْرِفَانِ كَيْلَهَا؛ جَازَ أَنْ يَأْخُذَ بِالْقِيمَةِ مَا شَاءَ مِنْ طَعَامٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، أَوْ عَرَضٍ نَقْدًا، وَأَمَّا عَلَى مَكِيلَةٍ مِنْ قَمْحٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ سُلْتٍ؛ فَلَا يَصِحُّ عَلَى التَّحَرِّي " (أَيْ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ صَفٌّ وَاحِدٌ، وَالشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ) قَالَ: " وَأَمَّا عَلَى كَيْلٍ لَا يُشَكُّ أَنَّهُ أَدْنَى مِنْ كَيْلِ الصُّبْرَةِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَ بَعْضَ حَقِّهِ، فَلَا تُبَالِي أَخَذَ قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا أَوْ سُلْتًا، يُرِيدُ هَهُنَا وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْقِيمَةَ " اهـ عَلَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ
قَالَ: " وَعَلَى هَذَا يَنْبَنِي مُصَالَحَةُ الْفَرَّانِ وَالرَّحَوِيِّ، فِيمَا تَبَدَّلَ عِنْدَهُمَا " وَكَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مَا لَا يَشُكُّ أَنَّهُ أَقَلُّ، حَتَّى يَتَحَقَّقَ أَنَّ خُبْزَهُ أَوْ دَقِيقَهُ قَدْ أُكِلَ، لِئَلَّا يَكُونَ مُبَادَلَةً بِتَأْخِيرٍ وَكَانَ يَقُولُ قَدْ تَقَدَّمَ لَهُ قَرِينَةُ الْحَالِ، أَنَّ طَعَامَهُ قَدْ أُكِلَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا فِي الْأُضْحِيَّةِ اهـ (ابْنُ الْحَاجِبِ) يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى ذَهَبٍ مِنْ وَرِقٍ وَبِالْعَكْسِ إذَا كَانَا حَالَّيْنِ وَعَجَّلَ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ لَك عَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ، وَهُوَ مُقِرٌّ بِهَا جَازَ أَنْ تُصَالِحَهُ عَلَى خَمْسِينَ مِنْهَا إلَى أَجَلٍ؛ لِأَنَّك حَطَطْتَهُ وَأَخَّرْتَهُ، وَلَا بَأْسَ أَنْ تُصَالِحَهُ عَلَى دَنَانِيرَ أَوْ عَرَضٍ نَقْدًا، وَلَا يَجُوزُ فِيهَا تَأْخِيرٌ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ وَصَرْفُ مُسْتَأْخَرٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: " وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا " لِأَنَّ الْمُدَّعِي إذَا كَانَ مُحِقًّا؛ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ عَنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ خَمْسِينَ إلَى أَجَلٍ، وَإِنْ أَخَذَ عَنْهَا عَرَضًا أَوْ ذَهَبًا إلَى أَجَلٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَرَاهِمَ فِي عُرُوضٍ أَوْ دَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ، وَذَلِكَ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي مُبْطِلًا؛ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ اهُوَ هَذَا كُلُّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ النَّاظِمِ: بِمَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بَيْعُ الدَّيْنِ. الْبَيْتَ إنَّمَا أَطَلْتُ هُنَا بَعْضَ التَّطْوِيلِ لِأَنَّ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ بَعْضَ صُعُوبَةٍ، وَتَكْثِيرُ الْأَمْثِلَةِ، مِمَّا يَتَمَرَّنُ بِهِ الطَّالِبُ، وَهَذَا النَّقْلُ لَا شَكَّ أَنَّهُمْ ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الصُّلْحِ، وَلَكِنْ إنَّمَا يُصَالَحُ عَنْ الدَّيْنِ بِمَا يُبَاعُ بِهِ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا مَعْرِفَةُ مَا يُبَاعُ بِهِ الدَّيْنُ مِمَّا لَا يُبَاعُ بِهِ. وَقَدْ تَلَخَّصَ مِنْ مَسْأَلَةِ اسْتِهْلَاكِ صُبْرَةِ الْقَمْحِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَرِيبًا: أَنَّ مَنْعَ بَيْعِ الْمَجْهُولِ بِمَعْلُومٍ مِنْ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْ الطَّعَامِ الرِّبَوِيِّ (سَوَاءٌ تَبَيَّنَ الْفَضْلُ مِنْ إحْدَى الْجِهَتَيْنِ أَوْ لَا) إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ وَحُضُورِ الْعِوَضَيْنِ، وَأَمَّا بَعْدَ

اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 318
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست