responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 31
بِمَعْنَى الشَّهَادَةِ مِثْلُ قَوْلِ أَحَدِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ عِنْدَ قَاضٍ: حَكَمَ لِي قَاضِي بَلَدِ كَذَا بِكَذَا أَوْ ثَبَتَ لِي عِنْدَهُ كَذَا، فَيَسْأَلُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَيَأْتِيه مِنْ عِنْدِهِ بِكِتَابٍ إنِّي حَكَمْت لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَوْ ثَبَتَ عِنْدِي لَهُ عَلَيْهِ كَذَا فَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ شَاهِدٌ وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ ابْتِدَاءً لِلْقَاضِي فَقَالَ لَهُ خَاطِبْ قَاضِيَ بَلَدِ كَذَا بِمَا ثَبَتَ لِي عِنْدَك عَلَى فُلَانٍ أَوْ بِمَا حَكَمْت لِي بِهِ عَلَيْهِ، فَخَاطَبَهُ بِذَلِكَ لَجَازَ لِأَنَّهُ مُخْبِرٌ لَا شَاهِدٌ كَمَا يَجُوزُ قَوْلُهُ وَيَنْفُذُ فِيمَا يُسَجِّلُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَيَشْهَدُ بِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ مَا دَامَ عَلَى قَضَائِهِ.
(فَرْعٌ) قَالَ الْمُوَثِّقُونَ وَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْقَاضِي شَهَادَةٌ وَسُئِلَ مِنْهُ رَفْعُهَا إلَى الْقَاضِي حَيْثُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ - وَهُوَ بِمَوْضِعٍ بَعِيدٍ - لَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ فِيهِ إذْ لَوْ كَانَ قَرِيبًا لَلَزِمَهُ الْأَدَاءُ فَلَهُ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يُشْهِدَ بِذَلِكَ شَاهِدَيْنِ فَيَنْقُلَانِهَا عَنْهُ، وَالثَّانِي: أَنْ يُشْهِدَ عَلَى مُضَمَّنِ شَهَادَتِهِ فِي رَسْمٍ، وَيُؤَدِّي شُهُودُهُ شَهَادَتَهُمْ عِنْدَهُ وَيُخَاطِبُ عَلَيْهِ، وَالثَّالِثُ: أَنْ يُقَدِّمَ شَخْصًا يُؤَدِّي عِنْدَهُ وَيُخَاطِبُ الْمُقَدِّمَ لَهُ وَيُخَاطِبُ الْقَاضِيَ بِقَبُولِ خِطَابِ الْمُقَدِّمِ وَذَلِكَ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ هَلْ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَ مَنْ يُقَدِّمُهُ أَوْ لَا، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقِيلَ: يَجُوزُ ذَلِكَ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَبُو الطَّاهِرِ بْنُ بَشِيرٍ.
(قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ) وَكَانَ فُقَهَاءُ غَرْنَاطَةَ يَعْمَلُونَ بِالْوَجْهِ الثَّانِي وَأَهْلُ مَالَقَةَ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ (وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ) وَإِنْ عَلِمَ السُّلْطَانُ الْأَعْلَى لِرَجُلٍ حَقًّا، فَأَرَادَ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ عِنْدَ قَاضِيهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَقِيلَ لَا يَشْهَدُ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ عِنْدَ نَفْسِهِ يَشْهَدُ، إذًا هُوَ مُقَدِّمُهُ فَيَئُولَ الْأَمْرُ إلَى أَنْ يَقْضِيَ بِعِلْمِهِ، وَبِالْأَوَّلِ الْقَضَاءُ وَعَلَيْهِ الْفُتْيَا
وَعِلْمُهُ بِصِدْقِ غَيْرِ الْعَدْلِ لَا ... يُبِيحُ أَنْ يَقْبَلَ مَا تَحَمَّلَا
يَعْنِي أَنَّ عِلْمَ الْقَاضِي بِصِدْقِ مَنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ لَا يُبِيحُ لَهُ قَبُولَ شَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ آيِلٌ إلَى حُكْمِهِ بِعِلْمِهِ، وَسَبَبٌ لِتَطَرُّقِ التُّهْمَةِ إلَيْهِ وَلِأَنَّ شَهَادَةَ غَيْرِ الْعَدْلِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ شَرْعًا، فَهِيَ كَالْمَعْدُومَةِ حِسًّا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وَقَالَ {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] وَحَكَى ابْنُ يُونُسَ عَنْ سَحْنُونٍ قَالَ: لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ لَيْسَا بِعَدْلَيْنِ عَلَى مَا أَعْلَمُ أَنَّهُ حَقٌّ لَمْ أَقْضِ بِشَهَادَتِهِمَا لِأَنِّي أَقُولُ فِي كِتَابِ حُكْمِي بَعْدَ أَنْ صَحَّتْ عِنْدِي عَدَالَتُهُمَا، وَإِنَّمَا صَحَّ عِنْدِي جُرْحَتُهُمَا، وَقَالَ نَحْوَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ كِنَانَةَ.
(وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) : وَالْحُكْمُ بِرَدِّ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ حَقٌّ وَلَوْ شَهِدَ بِحَقٍّ اهـ.
وَمَنْ جَفَا الْقَاضِيَ فَالتَّأْدِيبُ ... أَوْلَى وَذَا لِشَاهِدٍ مَطْلُوبُ
وَفَلْتَةٌ مِنْ ذِي مُرُوءَةٍ عَثَرْ ... فِي جَانِبِ الشَّاهِدِ مِمَّا يُغْتَفَرُ
يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَسَاءَ الْأَدَبَ عَلَى الْقَاضِي وَجَفَاهُ بِكَلَامٍ لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ، وَتَأْدِيبُهُ أَوْلَى مِنْ الْعَفْوِ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ مَنْ أَسَاءَ الْأَدَبَ عَلَى الشَّاهِدِ عَلَيْهِ إلَّا إنْ كَانَ ذَا مُرُوءَةٍ وَقَعَتْ مِنْهُ فَلْتَةٌ فِي جَانِبِ الشَّاهِدِ فَإِنَّهُ يُغْتَفَرُ لَهُ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ» وَالْجَفَاءُ

اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 31
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست