responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 277
[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ وَمَا شَاكَلَهَا]
ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَابِ الْبُيُوعَ، وَمَا شَاكَلَهَا أَيْ، وَمَا شَابَهَهَا وَكَانَ مِثْلَهَا فِي كَوْنِهِ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ وَذَلِكَ كَبَيْعِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِجِنْسِهِ، أَوْ بِنَقْدٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْأَخَصَّ هُوَ الَّذِي أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ، وَكَذَلِكَ الْمُقَاصَّةُ وَالْحَوَالَةُ وَالشُّفْعَةُ وَالْقِسْمَةُ وَالْإِقَالَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالتَّصْيِيرِ وَالسَّلَمُ، وَنَحْوُهَا مِمَّا أَدْمَجَهُ النَّاظِمُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَفَصَلَ بَيْنَ أَنْوَاعِهِ بِالْفُصُولِ دُونَ الْأَبْوَابِ.
وَأَمَّا مَا فَسَّرَ بِهِ شُرَّاحُ الرِّسَالَةِ قَوْلَهَا، وَمَا شَاكَلَ الْبُيُوعَ مِنْ الْكِرَاءِ وَالْإِجَارَةِ لِكَوْنِهِمَا شِرَاءَ مَنْفَعَةٍ وَالْبَيْعُ شِرَاءُ رَقَبَةٍ، فَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُ كَلَامِ النَّاظِمِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُمَا فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ، بَلْ عَقَدَ لَهُمَا بَابًا مُسْتَقِلًّا. وَبَابُ الْبُيُوعِ مِمَّا يُتَعَيَّنُ الِاهْتِمَامُ بِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهِ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، إذْ لَا يَخْلُو مُكَلَّفٌ غَالِبًا مِنْ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ فَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِهِ.
(قَالَ الْقَبَّابُ) : لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَجْلِسَ فِي السُّوقِ حَتَّى يَعْلَمَ أَحْكَامَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَإِنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ فَرْضًا وَاجِبًا عَلَيْهِ، كَذَلِكَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْلَمَ حُكْمَ مَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْفَعَ قِرَاضًا لِمَنْ لَا يَعْلَمُ أَحْكَامَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ الذِّمِّيَّ عَلَى الشِّرَاءِ وَلَا غَيْرِهِ، وَلَا يَتَوَكَّلُ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشَارِكَ الذِّمِّيَّ إلَّا إذَا لَمْ يَغِبْ الذِّمِّيُّ عَلَى بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ اهـ.
وَبَعْدَ الْعِلْمِ بِمَا ذُكِرَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِمَا عَلِمَهُ وَيَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ وَيَتَوَلَّى بَيْعَهُ وَشِرَاءَهُ بِنَفْسِهِ إنْ قَدَرَ، وَإِلَّا فَغَيْرُهُ بِمُشَاوِرَتِهِ، وَلَا يَتَّكِلُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ الْأَحْكَامَ، أَوْ يَعْرِفُهَا وَيَتَسَاهَلُ فِي الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهَا لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ وَعُمُومِهِ.
وَالْبَيْعُ مَصْدَرُ بَاعَ الشَّيْءَ، يَبِيعُهُ إذَا أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِعِوَضٍ، أَوْ أَدْخَلَهُ فِيهِ فَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ، يُطْلَقُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. وَذَكَرَ الزَّنَاتِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ أَنَّ لُغَةَ قُرَيْشٍ اسْتِعْمَالُ بَاعَ إذَا أَخْرَجَ، وَاشْتَرَى إذَا أَدْخَلَ قَالَ: وَهِيَ أَفْصَحُ وَعَلَى هَذَا اصْطَلَحَ الْعُلَمَاءُ تَقْرِيبًا لِلْفَهْمِ، نَقَلَهُ الْحَطَّابُ، وَفِي شَرْحِ الْجُزُولِيِّ عَلَى الرِّسَالَةِ مَا حَاصِلُهُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاوِضَيْنِ بَائِعٌ لِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِ مُشْتَرٍ لِمَا أَخَذَهُ، وَاصْطَلَحَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ آخِذَ الْعَرَضِ يُسَمَّى مُشْتَرِيًا، وَآخِذَ الْعَيْنِ بَائِعًا وَجَمَعَ النَّاظِمُ الْبَيْعَ، وَإِنْ كَانَ مَصْدَرًا، وَحَقُّهُ أَنْ لَا يُجْمَعَ لِصِدْقِهِ عَلَى الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، لَكِنَّهُ جَمَعَهُ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ، كَالْعُلُومِ وَالْمِيَاهِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْبَيْعِ صَحِيحًا وَفَاسِدًا.
وَالْمَبِيعَاتُ: أُصُولٌ، وَعُرُوضٌ، وَغَيْرُهُمَا كَمَا يَأْتِي (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْبُيُوعُ مَا نَصُّهُ أَتَى بِجَمْعِ الْكَثْرَةِ لِتَعَدُّدِ الْأَنْوَاعِ، وَحَدَّهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّهُ: نَقْلُ الْمِلْكِ بِعِوَضٍ، وَهَذَا يَشْمَلُ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَاسِدَ يَنْقُلُ الْمِلْكَ، ثُمَّ قَالَ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَنْقُلُ لَمْ يَشْمَلْهُ لَكِنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَكُونُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَهُمْ صَحِيحَةً لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الْمِلْكَ قَدْ انْتَقَلَ عَلَى حُكْمِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْتَقِلْ عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ خَلِيلٌ، وَإِنْ أَرَدْتَ إخْرَاجَهُ بِوَجْهٍ لَا شَكَّ فِيهِ فَزِدْ بِوَجْهٍ جَائِزٍ. اهـ.
وَحَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ " عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى غَيْرِ مَنَافِعَ، وَلَا مُتْعَةِ لَذَّةٍ وَمُكَايَسَةٍ، أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ، مُعَيَّنٌ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ " فَقَوْلُهُ " عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ " يَشْمَلُ هِبَةَ الثَّوَابِ وَالصَّرْفَ وَالْمُرَاطَلَةَ وَالسَّلَمَ وَأَخْرَجَ بِهِ التَّبَرُّعَاتِ، كَالْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " غَيْرِ مَنَافِعِ الْكِرَاءِ وَالْإِجَارَةِ " لِأَنَّ الْعَقْدَ فِيهِمَا عَلَى الْمَنَافِعِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " وَلَا مُتْعَةِ لَذَّةٍ " النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى مُتْعَةِ التَّلَذُّذِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " ذُو مُكَايَسَةٍ " هِبَةُ الثَّوَابِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى الْمُكَارَمَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ " الصَّرْفُ، وَالْمُرَاطَلَة؛ لِأَنَّ الْعِوَضَيْنِ مَعًا ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ، أَوْ مُجْتَمِعٌ مِنْهُمَا، وَشَمِلَ قَوْلُهُ " أَحَدَ عِوَضَيْهِ. . . إلَخْ " مَا إذَا كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ ذَهَبًا، أَوْ فِضَّةً وَالْآخَرُ عَرْضًا، وَمَا إذَا كَانَا مَعًا عَرْضَيْنِ، وَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ أَنَّ هَذَا

اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 277
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست