responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 241
نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:
وَإِنْ يَكُنْ مِنْهَا نُكُولٌ فَالْقَسَمْ
الْبَيْتَ وَذَلِكَ لِأَنَّ نُكُولَهَا كَالشَّاهِدِ لِلزَّوْجِ فَيَحْلِفُ مَعَهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ، فَإِذَا نَكَلَ هُوَ أَيْضًا بَعْدَ نُكُولِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ كَامِلًا، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:
وَيَغْرَمُ الْجَمِيعُ مَهْمَا نَكَلَا
وَذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ: النُّكُولُ بَعْدَ النُّكُولِ تَصْدِيقٌ لِلنَّاكِلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ هُنَا الزَّوْجَةُ فَلَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْخَلْوَةُ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْخَلْوَةُ خَلْوَةَ زِيَارَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّائِرِ مِنْهُمَا مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ زَارَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا أَنَّهُ مَسَّهَا وَلَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ، وَإِنْ زَارَهَا هُوَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا وَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ سَوَاءٌ زَارَتْهُ أَوْ زَارَهَا، وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، فَقَوْلُهُ:
وَالزَّوْجُ إنْ طَلَّقَ مِنْ بَعْدِ الْبِنَا
أَيْ مِنْ بَعْدِ الْخَلْوَةِ بِهَا إنْ كَانَتْ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ.
(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ:) أَيْ خُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ. وَهُوَ مُرَادُ عُلَمَائِنَا بِإِرْخَاءِ الْمَسْتُورِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إرْخَاءَ سِتْرٍ وَلَا إغْلَاقَ بَابٍ. قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ. اهـ
مَفْهُومُ قَوْلِهِ: " مِنْ بَعْدِ الْبِنَا " أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَسِيسِ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَلَمْ تَثْبُتْ خَلْوَةٌ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الزَّوْجِ. نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ الْحَارِثِ " وَلِادِّعَاءِ " يَتَعَلَّقُ بِرَدٍّ وَلَامُهُ زَائِدَةٌ، وَمُعْلِنًا حَالٌ مِنْ فَاعِلِ رَدَّ الْعَائِدِ عَلَى الزَّوْجِ، وَكَانَ فِي قَوْلِهِ: " وَإِنْ يَكُنْ مِنْهَا نُكُولٌ " تَامَّةٌ وَأَلِفُ " نَكَلَا لِلتَّثْنِيَةِ، أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَقَدْ خَلَا خَبَرُ كَانَ مِنْ قَوْلِهِ: " وَإِنْ يَكُنْ لِلِابْتِنَاءِ "، وَقَوْلُهُ: " فَالْقَوْلُ قَوْلُ زَائِرٍ " هُوَ جَوَابُ قَوْلِهِ: " وَإِنْ يَكُنْ " (قَالَ فِي الْمُقَرِّبِ:) قَالَ سَحْنُونٌ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَخَلَا بِهَا وَأَرْخَى السِّتْرَ عَلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَالَ: " لَمْ أَمَسَّهَا "، وَقَالَتْ: " قَدْ مَسَّنِي " فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا إذَا كَانَ الدُّخُولُ عَلَيْهَا دُخُولَ بِنَاءٍ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا دَخَلَ عَلَيْهَا فِي بَيْتِهِ أَوْ بَيْتِهَا، (قُلْت) : فَإِنْ كَانَ بَنَى بِهَا وَدَخَلَ عَلَيْهَا نَهَارًا فِي رَمَضَانَ أَوْ وَهِيَ صَائِمَةٌ صِيَامَ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ تَطَوُّعٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا مِنْ يَوْمِهِ أَوْ كَانَتْ مُحْرِمَةً أَوْ حَائِضًا فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ إحْرَامَهَا أَوْ تَغْتَسِلَ مِنْ حَيْضَتِهَا وَأَنْكَرَ الْمَسِيسَ؟ .
فَقَالَ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ ثُمَّ اخْتَلَفَا، فَقَالَ الزَّوْجُ: " لَمْ أَمَسَّهَا "، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: " بَلْ قَدْ مَسَّنِي " فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ إذَا أُرْخِيَتْ عَلَيْهِمَا السُّتُورُ فَأَنَا أَرَى كُلَّ مَنْ خَلَا بِامْرَأَتِهِ وَادَّعَتْ أَنَّهُ قَدْ مَسَّهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا إذَا كَانَتْ خَلْوَةَ بِنَاءٍ، وَإِنْ كَانَتْ حِينَ خَلَا بِهَا فِي حَالَةٍ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُجَامِعَهَا فِيهَا. اهـ
وَقَدْ اخْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِأَوْجَزِ عِبَارَةٍ وَأَلْطَفِ إشَارَةٍ فَقَالَ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي الْوَطْءِ إذَا خَلَا بِهَا خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ وَإِنْ كَانَتْ مُحْرِمَةً، أَوْ حَائِضًا، أَوْ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ. ثُمَّ قَالَ: وَفِي خَلْوَةِ الزِّيَارَةِ مَشْهُورُهَا قَوْلُ الزَّائِرِ مِنْهُمَا لِلْعُرْفِ بِخِلَافِ خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ. (التَّوْضِيحَ) الْمَشْهُورُ إنْ زَارَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْعُرْفَ أَنَّ الرَّجُلَ يَنْشَطُ فِي بَيْتِهِ، وَإِنْ زَارَهَا هُوَ فِي بَيْتِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعُرْفَ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَنْشَطُ إلَيْهَا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ " لِلْعُرْفِ " اهـ (وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ) الْقَوْلُ قَوْلُهَا رَشِيدَةً كَانَتْ أَوْ سَفِيهَةً، كَانَ الْبِنَاءُ فِي دَارِهِ أَوْ فِي دَارِهَا، وَقَعَ الطَّلَاقُ عَنْ قُرْبٍ مِنْ الْبِنَاءِ أَوْ بُعْدٍ، وَلَهَا الْمَهْرُ كُلُّهُ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ لِإِنْكَارِهِ الْوَطْءَ، وَاخْتُلِفَ فِي يَمِينِهَا، وَسَكَتَ عَنْ الْيَمِينِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَكِتَابِ ابْنِ الْجَهْمِ عَلَيْهَا الْيَمِينُ. اهـ.
وَعَلَى وُجُوبِ الْيَمِينِ اعْتَمَدَ النَّاظِمُ لِأَنَّ إرْخَاءَ السُّتُورِ شَاهِدٌ عُرْفِيٌّ كَمَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ فِي اللُّقَطَةِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْعَادَةَ وَالْعُرْفَ كَشَاهِدٍ وَاحِدٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ مَعَهُ، وَقِيلَ: كَالشَّاهِدِينَ فَلَا يَمِينَ. (وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ أَيْضًا) وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ قَاعِدَةٌ: كُلُّ مَنْ حُكِمَ بِقَوْلِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ. اهـ
(وَقَالَ ابْنُ الْحَارِثِ) : رُوِيَ عَنْ ابْن وَهْبٍ أَنَّهُ قَالَ: رَجَعَ مَالِكٌ عَنْ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الزَّائِرِ إلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَرْأَةِ حَيْثُمَا أَخَذَهُمْ السِّتْرُ وَكَانَتْ الْخَلْوَةُ. اهـ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ نَبَّهَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ: وَقِيلَ بَلْ
لِزَوْجَةٍ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ عَمَلْ
وَلَمْ يَنْقُلْ الشَّارِحُ فِقْهًا يُوَافِقُ قَوْلَ النَّاظِمِ
وَإِنْ يَكُنْ مِنْهَا نُكُولٌ فَالْقَسَمْ ... عَلَيْهِ وَالْوَاجِبُ نِصْفُ مَا الْتَزَمْ
وَيَغْرَمُ الْجَمِيعَ مَهْمَا نَكَلَا ...
وَلَكِنَّهُ جَارٍ عَلَى الْفِقْهِ ظَاهِرُ الْوَجْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 241
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست