responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 227
التَّوْضِيحِ. وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ مَا لَيْسَ بِصَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ فَذَلِكَ مِثْلَ اسْقِينِي الْمَاءَ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَفِيهَا كُلُّ كَلَامٍ يَنْوِي بِهِ الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ. اهـ
وَجَمِيعُ ذَلِكَ مِنْ ابْنِ الْحَاجِبِ وَجُلُّهُ بِاللَّفْظِ، وَقَدْ بَحَثَ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ الْمُمَثَّلِ بِهَا فَلْيُرَاجِعْهُ مَنْ أَرَادَهُ. وَنَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ الْكَافِي أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ مَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ مِنْ الطَّلَاقِ وَالسَّرَاحِ وَالْفِرَاقِ قَالَ تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] وَقَالَ {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231] وَقَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] .
ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ فِي مَنْهَجِهِ السَّالِكِ: وَلَهُ يَعْنِي الطَّلَاقَ لَفْظَانِ: صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ، فَالصَّرِيحُ مَا جَاءَ فِيهِ لَفْظُ الطَّلَاقِ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَشِبْهُ ذَلِكَ، وَالْكِنَايَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ: كَخَلِيَّةٍ، وَبَرِيَّةٍ، وَحَرَامٍ، وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَيَنْوِي فِي أَقَلَّ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا. وَكِنَايَةٌ مُحْتَمَلَةٌ كَقَوْلِهِ: اذْهَبِي وَانْصَرِفِي وَشِبْهُ ذَلِكَ. وَكِنَايَةٌ لَا يَقْتَضِي لَفْظُهَا طَلَاقًا كَقَوْلِهِ: اسْقِينِي مَاءً أَوْ أَلْبِسِينِي ثِيَابَك فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الطَّلَاقَ اهـ.
فَجَعَلَ الْكِنَايَةَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ وَإِنْ قَصَدَ الطَّلَاقَ بِاسْقِينِي الْمَاءَ وَنَحْوِهِ مِنْ الْكِنَايَةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ جَعَلَهُ قِسْمًا ثَالِثًا لَيْسَ مِنْ الصَّرِيحِ وَلَا مِنْ الْكِنَايَةِ، (قَالَ الشَّارِحُ) : قَوْلُ النَّاظِمِ " وَبِالْكِنَايَاتِ " بِلَفْظِ الْجَمْعِ يُرِيدُ أَضْرُبَهَا الثَّلَاثَةَ الَّتِي فَصَّلَهَا ابْنُ زَرْقُون إلَيْهَا إذَا أُرِيدَ بِهَا الطَّلَاقُ. اهـ
وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنَّهُ يَبْقَى النَّظَرُ فِي مُقَابِلِ الصَّحِيحِ مَا هُوَ؟ فَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الرَّصَّاعُ فِي شَرْحِ النِّكَاحِ الَّذِي تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لِلَّذِي طَلَّقَهَا: وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْرِيضِ وَالْكِنَايَةِ أَنَّ الْكِنَايَةَ إنَّمَا يَذْكُرُ الشَّيْءَ بِذِكْرِ لَازِمِهِ كَقَوْلِنَا: فُلَانٌ طَوِيلُ النِّجَادِ. وَالتَّعْرِيضُ أَنْ يَذْكُرَ كَلَامًا يُحْتَمَلُ مَقْصُودُهُ وَغَيْرُ مَقْصُودِهِ. وَالْقَرَائِنُ تُفِيدُ الْمَقْصُودَ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
وَيَنْفُذُ الْوَاقِعُ مِنْ سَكْرَانِ ... مُخْتَلِطٍ كَالْعِتْقِ وَالْأَيْمَانِ
وَمِنْ مَرِيضٍ وَمَتَى مِنْ الْمَرَضْ ... مَاتَ فَلِلزَّوْجَةِ الْإِرْثُ الْمُفْتَرَضْ
مَا لَمْ يَكُنْ بِخُلْعٍ أَوْ تَخْيِيرِ ... أَوْ مَرَضٍ لَيْسَ مِنْ الْمَحْذُورِ
تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ الزَّوْجَ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَقْلُ، فَإِنْ فَقَدَ الْعَقْلَ بِسُكْرٍ وَكَانَ مُخْتَلِطًا غَيْرَ طَافِحٍ فَإِنَّ طَلَاقَهُ يَنْفُذُ، وَكَذَا عِتْقُهُ، وَأَيْمَانُهُ الَّتِي حَلَفَ بِهَا، جَمِيعُ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ (التَّوْضِيحَ) قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: أَمَّا السَّكْرَانُ بِخَمْرٍ أَوْ نَبِيذٍ فَالْمَشْهُورُ نُفُوذُ طَلَاقِهِ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَقَدْ رُوِيَتْ عِنْدَنَا رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ، وَقَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَلَا عَتَاقٌ.
وَتَأَوَّلَ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ يَعْنِي ابْنَ رُشْدٍ الْخِلَافَ عَلَى الْمُخْتَلَطِ الَّذِي مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاخْتِلَاطَ مِنْ نَفْسِهِ فَيُخْطِئُ وَيُصِيبُ، قَالَ: وَأَمَّا السَّكْرَانُ الَّذِي لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا فِيمَا ذَهَبَ وَقْتُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ، فَقِيلَ إنَّهَا لَا تَسْقُطُ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ بِإِدْخَالِهِ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ كَالْمُتَعَمِّدِ لِتَرْكِهَا حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا اهـ.
(ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الشُّيُوخِ أَنَّ الصَّلَاةَ يَقْضِيهَا السَّكْرَانُ سَوَاءٌ كَانَ مُطْبِقًا أَمْ لَا، وَأَنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي ذَلِكَ وَتَحْصِيلُ الْقَوْلِ فِي السَّكْرَانِ أَنَّ الْمَشْهُورَ تَلْزَمُهُ الْجِنَايَاتُ وَالْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَالْحُدُودُ وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِقْرَارَاتُ وَالْعُقُودُ. (قَالَ فِي الْبَيَانِ) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ. اهـ
كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَعَلَى هَذَا التَّحْصِيلِ أَنْشَدَنَا شَيْخُنَا الْعَالِمُ الْمُتَفَنِّنُ أَبُو مُحَمَّدٍ سَيِّدِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَاشِرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِنَفْسِهِ:
لَا يَلْزَمُ السَّكْرَانَ إقْرَارٌ عُقُودْ ... بَلْ مَا جَنَى عِتْقٌ طَلَاقٌ وَحُدُودْ
قَوْلُهُ " وَمِنْ مَرِيضٍ " يَعْنِي أَنَّ الطَّلَاقَ يَصِحُّ مِنْ الْمَرِيضِ.
(ابْنُ الْحَاجِبِ) وَطَلَاقُ الْمَرِيضِ وَإِقْرَارُهُ بِهِ كَالصَّحِيحِ فِي أَحْكَامِهِ، وَتَنَصُّفِ صَدَاقِهِ، وَعِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ، وَسُقُوطِهَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ مِيرَاثُهَا هِيَ خَاصَّةً إنْ كَانَ مَخُوفًا قَضَى بِهِ عُثْمَانُ لِامْرَأَةِ عَبْد الرَّحْمَنِ قَوْلُهُ: " وَمَتَى مِنْ الْمَرَضِ "

اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 227
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست