responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 216
الْمَرْأَةِ بِالْغَضَبِ فَانْظُرْهُ إنْ شِئْتَ. قَوْلُهُ: " وَتَحْلِفُ الزَّوْجَةُ بَعْدُ " أَيْ بَعْدَ حَلِفِ الزَّوْجِ، وَتَقَدَّمَ كَوْنُ الزَّوْجِ هُوَ الَّذِي يَبْدَأُ بِالْحَلِفِ. وَقَوْلُهُ: " لِتَدْرَأَ الْحَدَّ " أَيْ لِتَدْفَعَ حَدَّ الزِّنَا عَنْهَا إنْ نَكَلَتْ وَلَمْ تَحْلِفْ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى لِعَانِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ، وَقَوْلُهُ: " بِنَفْيِ مَا ادَّعَى " يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِتَحْلِفُ وَالْبَاءُ لِلْمُجَاوَرَةِ بِمَعْنَى عَلَى، أَيْ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِتَدْرَأَ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ: " ثُمَّ إذَا تَمَّ اللِّعَانُ افْتَرَقَا وَيَسْقُطُ الْحَدُّ " - الْبَيْتَ - هَذَا بَيَانٌ لِمَا يَنْبَنِي عَلَى اللِّعَانِ.
وَذَلِكَ: الْفِرَاقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَسُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ وَعَنْهَا، فَيَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّ الْقَذْفِ وَعَنْهَا حَدُّ الزِّنَا وَقَطْعُ النَّسَبِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: " وَيَنْتَفِي الْوَلَدُ " وَتَأْبِيدُ التَّحْرِيمِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ عَنْ التَّوْضِيحِ، وَقَوْلُهُ " وَالْفَسْخُ مِنْ بَعْدِ اللِّعَانِ مَاضٍ " - الْبَيْتَ - اشْتَمَلَ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ (إحْدَاهُمَا) أَنَّ فُرْقَةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ (التَّوْضِيحَ) فَرْعٌ: وَالْفُرْقَةُ فِي اللِّعَانِ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، قَالَ فِي الْبَيَانِ: هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا: إنَّهُ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ.
(وَفِي الْجَلَّابِ) أَنَّ الْمُلَاعَنَةَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا صَدَاقَ لَهَا، خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّأِ إنَّ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ. وَبَنَاهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى فُرْقَةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ هَلْ هِيَ فَسْخٌ فَلَا شَيْءَ لَهَا أَوْ طَلَاقٌ فَلَهَا؟ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّ لَهَا النِّصْفَ وَأَنَّ فُرْقَةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فَسْخٌ، وَلَكِنْ لَمَّا كُنَّا لَا نَعْلَمُ صِدْقَ الزَّوْجِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ تَحْرِيمَهَا وَإِسْقَاطَ حَقِّهَا مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ اُتُّهِمَ فِي ذَلِكَ وَأُلْزِمَ نِصْفَ الصَّدَاقِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا لَزِمَهُ النِّصْفُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: هُوَ طَلَاقٌ اهـ.
(قُلْتُ) وَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُ التَّوْضِيحِ هَذَا عَلَى فَائِدَةٍ أُخْرَى وَهِيَ لُزُومُ نِصْفِ الصَّدَاقِ وَإِنْ تَلَاعَنَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ فُرْقَتَهُمَا فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ لِلتُّهْمَةِ. وَقَدْ قُلْتُ فِي ذَلِكَ:
وَإِنْ تَلَاعَنَا وَلَمْ يَبْنِ لَزِمْ ... لِتُهْمَةٍ نِصْفُ صَدَاقٍ قَدْ عُلِمْ
وَأَشَرْت بِقَوْلِي: " نِصْفُ صَدَاقٍ قَدْ عُلِمْ " إلَى أَنَّهُمَا إذَا عَقَدَا النِّكَاحَ عَلَى وَجْهِ التَّفْوِيضِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ. (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْبَيْتُ الْأَخِيرُ فُرْقَةُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، هَلْ تَقَعُ بِنَفْسِ اللِّعَانِ أَوْ حَتَّى يَحْكُمَ بِهَا الْقَاضِي؟ .
(وَمِنْ التَّبْصِرَةِ) وَاخْتُلِفَ فِي وُقُوعِ الْفِرَاقِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَقَعُ الْفِرَاقُ بِنَفْسِ اللِّعَانِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا، (وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ) قَالَ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ: لَا يَتِمُّ الْفِرَاقُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا بِحُكْمِ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ. وَالْحُجَّةُ لِهَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُوَيْمِرٍ وَزَوْجَتِهِ بَعْدَ الْتِعَانِهِمَا: «قُومَا فَقَدْ فَرَّقْتُ بَيْنَكُمَا وَوَجَبَتْ النَّارُ لِأَحَدِكُمَا وَالْوَلَدُ لِلْمَرْأَةِ» (وَفِي التَّوْضِيحِ) وُقُوعُ الْفِرَاقِ بِمُجَرَّدِ الْتِعَانِهِمَا هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ: لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بِلِعَانِهِمَا حَتَّى يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا اهـ.
وَيُؤْخَذُ الْقَوْلَانِ مِنْ النَّظْمِ فَيُؤْخَذُ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ بِنَفْسِ اللِّعَانِ مِنْ قَوْلِهِ:
ثُمَّ إذَا تَمَّ اللِّعَانُ افْتَرَقَا
وَيُؤْخَذُ الْقَوْلُ بِافْتِقَارِهَا لِحُكْمِ حَاكِمٍ مِنْ قَوْلِهِ: " وَبِحُكْمِ الْقَاضِي " وَهُوَ أَصَرْحُ.
وَمُكْذِبٌ لِنَفْسِهِ بَعْدُ الْتَحَقْ ... وَلَدُهُ وَحُدَّ وَالتَّحْرِيمُ حَقْ
وَرَاجِعٌ قَبْلَ التَّمَامِ مِنْهُمَا ... يُحَدُّ وَالنِّكَاحُ لَنْ يَنْفَصِمَا
يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ وَتَمَّ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِهِ وَيُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ لِلزَّوْجَةِ، وَأَمَّا تَحْرِيمُ الزَّوْجَةِ فَأَمْرٌ مَاضٍ لَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا وَلَا سَبِيلَ لِمُرَاجَعَتِهَا، فَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُ وَتَكْذِيبُ نَفْسِهِ قَبْلَ تَمَامِ اللِّعَانِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَنِكَاحُهُمَا بَاقٍ لَمْ يَنْفَسِخْ. (قَالَ الْمُتَيْطِيُّ) : فَإِنْ رَجَعَ الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ فَلَهُ الْحَدُّ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ بِذَلِكَ، فَأَمَّا إنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ تَمَامِ اللِّعَانِ بِكَلِمَةٍ فَمَا فَوْقَهَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نِكَاحُهَا وَيُحَدُّ الرَّاجِعُ مِنْهُمَا. اهـ
فَقَوْلُهُ: " وَرَاجِعٌ قَبْلَ التَّمَامِ " هُوَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ: " وَمُكَذِّبٌ لِنَفْسِهِ بَعْدُ " أَيْ بَعْدَ اللِّعَانِ أَيْ بَعْدَ تَمَامِهِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) فَلَوْ أَكْذَبَ أَحَدُهُمَا نَفْسَهُ قَبْلَ تَمَامِ لِعَانِهِمَا حُدَّ وَبَقِيَتْ زَوْجَةً، وَيَتَوَارَثَانِ وَإِنْ رُجِمَتْ اهـ.

اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 216
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست