responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 145
فَجَائِزٌ فِي الْبَيْعِ جَازَ مُطْلَقَا ... فِيهِ وَمَا اُتُّقِيَ بَيْعًا يُتَّقَى
وَقَدْ اشْتَمَلَتْ عَلَى مَسَائِلَ:
(الْأُولَى) - مَنْ لَك عَلَيْهِ طَعَامٌ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ وَدِيعَةٍ، أَوْ هِبَةٍ فَصَالَحْتَهُ بِطَعَامٍ آخَرَ إلَى أَجَلٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ إلَى أَجَلٍ، وَفَسْخُ دَيْنٍ فِي دِينٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الطَّعَامُ الَّذِي لَكَ عَلَى الْغَرِيمِ مِنْ بَيْعٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَأْخُذَ عَنْهُ غَيْرَهُ، لَا طَعَامًا وَلَا غَيْرَهُ لَا نَقْدًا وَلَا إلَى أَجَلٍ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَفَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، (قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ فِي مُنْتَخَبِهِ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَأَلْتُ مُطَرِّفًا وَابْنَ الْمَاجِشُونِ عَنْ الصُّلْحِ يَقَعُ بِمَا لَا يَجُوزُ التَّبَايُعُ بِهِ.
مِثْلُ الرَّجُلِ يَدَّعِي عَلَى الرَّجُلِ شَعِيرًا، فَيُصَالِحَهُ بِقَمْحٍ إلَى أَجَلٍ، فَقَالَ: لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ بِمَا ذَكَرْتَ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ صُرَاحٌ، وَالصُّلْحُ بِهِ مَفْسُوخٌ إنْ عُثِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَ، فَإِنْ فَاتَ قَبْلَ الْفَسْخِ؛ صُحِّحَ بِالْقِيمَةِ عَلَى قَابِضِهِ، كَمَا يُصَحَّحُ الْبَيْعُ الْحَرَامُ إذَا فَاتَ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ فِي دَعْوَاهُ الْأُولَى، إلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا صُلْحًا آخَرَ بِمَا يَجُوزُ بِهِ الصُّلْحُ، وَمَفْهُومُ قَوْلِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ: " فَصَالَحَهُ بِقَمْحٍ إلَى أَجَلٍ " أَنَّهُ لَوْ صَالَحَهُ بِقَمْحٍ عَجَّلَهُ لَهُ جَازَ وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنْ إنْ كَانَ كَمِثْلِ الشَّعِيرِ فِي الْكَيْلِ، وَهَذَا أَيْضًا إذَا كَانَ الشَّعِيرُ تَرَتَّبَ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ وَدِيعَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا، وَأَمَّا إنْ تَرَتَّبَ مِنْ شِرَاءٍ، فَإِنْ قُلْنَا الْمُخَالَفَةُ فِي الصِّنْفِ كَالْمُخَالَفَةِ فِي الْجِنْسِ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَ كَالْمُخَالِفِ فِي الْجِنْسِ جَازَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَتَذَكَّرْ قَوْلَهُ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ، وَهَلْ غَيْرُ صِنْفِ طَعَامِهِ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ مُخَالِفٌ، أَوْ لَا تَرَدُّدَ؟ وَإِلَى هَذَا الْفَرْعِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ فَقَوْلُهُ: " نَسِيئَةً " حَالٌ مِنْ الْمَطْعُومِ الْأَوَّلِ، " وَفِي " الدَّاخِلَةُ عَلَى الْمَطْعُومِ الثَّانِي بِمَعْنَى " عَنْ "، وَجُمْلَةُ رُدَّ خَبَرُ الصُّلْحِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: " عَلَى الْعُمُومِ " أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسَيْنِ، كَقَوْلِ مُؤَخَّرٍ عَنْ قَمْحٍ، أَوْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مُخْتَلِفِ الصِّنْفِ مُتَّفِقِ الْقَدْرِ، كَقَمْحٍ مُؤَخَّرٍ عَنْ شَعِيرٍ، أَوْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَصِنْفٍ وَاحِدٍ، كَقَمْحٍ مُؤَخَّرٍ عَنْ قَمْحٍ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ، فَهَذِهِ الْوُجُوهُ مَمْنُوعَةٌ فِي الْبَيْعِ، فَتُمْنَعُ فِي الصُّلْحِ أَيْضًا، فَالْمَنْعُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِلنَّسَاءِ فَقَطْ، وَفِي الثَّالِثِ لِلْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ مَعًا، وَأَمَّا أَخْذُ قَمْحٍ مَثَلًا مُؤَخَّرٍ عَنْ قَمْحٍ مُمَاثِلٍ لِلْأَوَّلِ فِي الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ، فَلَيْسَ بِصُلْحٍ وَإِنَّمَا هُوَ اقْتِضَاءٌ بَعْدَ تَأْجِيلٍ.
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) - الْوَضْعُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى تَعْجِيلِهِ. كَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ عَشْرَةً إلَى شَهْرٍ، فَيَقُولُ: أَعْطِنِي ثَمَانِيَةً نَقْدًا. فَهَذَا مَمْنُوعٌ فِي الْبَيْعِ، وَكَذَلِكَ فِي الصُّلْحِ، وَلَعَلَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا فِي تَسْمِيَتِهِ بَيْعًا أَوْ صُلْحًا، وَوَجْهُ مَنْعِهِ أَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ يُعَدُّ مُسَلِّفًا، فَقَدْ سَلَّفَ الْآنَ ثَمَانِيَةً لِيَقْتَضِيَ مِنْ نَفْسِهِ عَشْرَةً عِنْدَ الْأَجَلِ، فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَكَذَلِكَ تَأْخِيرُ الدَّيْنِ لِلزِّيَادَةِ فِيهِ، كَمَنْ كَانَ لَكَ عَلَيْهِ عَشْرَةٌ حَلَّتْ، فَأَخَّرْتَهُ شَهْرًا مَثَلًا لِيُعْطِيَكَ أَحَدَ عَشْرَ، لِأَنَّ مَنْ أَخَّرَ مَا وَجَبَ لَهُ عُدَّ مُسَلِّفًا، فَقَدْ سَلَّفَ لِيَنْتَفِعَ وَإِلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ " وَالْوَضْعُ مِنْ دَيْنٍ " الْبَيْتَ (قَالَ فِي الْمُفِيدِ) : وَاَلَّذِي لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ فِيهِ الرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ قِبَلَ الرَّجُلِ حَقٌّ إلَى أَجَلٍ، فَيُصَالِحَهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ بَعْضَهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ، وَيَحُطَّ عَنْهُ بَعْضَهُ فَهَذَا لَا يَجُوزُ.
(وَفِي الرِّسَالَةِ) وَكَانَ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ فِي الدُّيُونِ إمَّا أَنْ يَقْضِيَهُ، وَإِمَّا أَنْ يُرْبِيَ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ وَلَا تَجُوزُ الْوَضِيعَةُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى تَعْجِيلِهِ، وَلَا التَّأْخِيرُ بِهِ عَلَى الزِّيَادَةِ فِيهِ، وَإِلَى هَذَا الْفَرْعِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّانِي. (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) الْجَمْعُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ. فَكَمَا يَمْتَنِعُ فِي بَابِ الْبُيُوعِ يَمْتَنِعُ فِي بَابِ الصُّلْحِ (قَالَ الشَّارِحُ) : وَمِثَالُ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فِي الصُّلْحِ أَنْ يَكُونَ لِلْغَرِيمِ قِبَلِ غَرِيمِهِ دِينَارٌ، وَهُوَ لَهُ مُنْكِرٌ أَوْ بِهِ مُقِرٌّ، فَيَصْطَلِحَانِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ عَرَضًا بِنِصْفِ دِينَارٍ، وَيُؤَخِّرَهُ بِالنِّصْفِ الْبَاقِي إلَى أَجَلٍ، فَقَدْ اجْتَمَعَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ، لِأَنَّ الْعَرَضَ مَبِيعٌ بِنِصْفِ دِينَارٍ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مِنْ الدِّينَارِ سَلَفٌ إلَى الْأَجَلِ الَّذِي أَخَّرَهُ إلَيْهِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
وَالْجَمْعُ فِي الصُّلْحِ لِبَيْعٍ وَسَلَفْ
(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) الصُّلْحُ بِمَا فِيهِ غَرَرٌ. كَالْعَبْدِ الْآبِقِ، وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ، فَكَمَا يَمْتَنِعُ بَيْعُ ذَلِكَ يَمْتَنِعُ الصُّلْحُ بِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
وَمَا أَبَانَ غَرَرًا بِذَا اتَّصَفْ
(الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) أَنْ يُصَالِحَ عَنْ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ، بِطَعَامٍ لَمْ يَقْبِضْهُ مِنْ ذِمَّةِ مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ، فَكَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ بِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الطَّعَامُ الْمُصَالَحُ بِهِ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ هِبَةٍ وَنَحْوِهِمَا؛ فَيَجُوزُ الصُّلْحُ بِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ مُصَالَحَةِ الْوَرَثَةِ لِزَوْجِ الْمُتَوَفَّى وَمَا لَا يَجُوزُ مَا نَصُّهُ (قُلْتُ) : فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مِنْ سَلَمٍ

اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 145
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست