responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 143
(ابْن عَرَفَةَ) : الصُّلْحُ انْتِقَالٌ عَنْ حَقٍّ أَوْ دَعْوَى بِعِوَضٍ لِرَفْعِ نِزَاعٍ أَوْ خَوْفِ وُقُوعِهِ. وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ قَبْضُ شَيْءٍ عَنْ عِوَضٍ يَدْخُلُ فِيهِ مَحْضُ الْبَيْعِ وَهُوَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَقَدْ يَعْرِضُ وُجُوبُهُ عِنْدَ تَعْيِينِ مَصْلَحَتِهِ وَحُرْمَتِهِ وَكَرَاهَتِهِ لَا لِاسْتِلْزَامِ مَفْسَدَةٍ وَاجِبَةِ الدَّرْءِ أَوْ رَاجِحَتِهِ (الرَّصَّاعُ) . قَوْلُهُ (عَنْ حَقٍّ أَوْ دَعْوَى) الْأَوَّلُ الصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ، وَالثَّانِي عَلَى الْإِنْكَارِ (وَبِعِوَضٍ) يَتَعَلَّقُ بِانْتِقَالٍ وَخَرَجَ الِانْتِقَالُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَقَوْلُهُ لِرَفْعِ نِزَاعٍ يَخْرُجُ بِهِ بَيْعُ الدَّيْنِ وَمَا شَابَهَهُ، وَقَوْلُهُ أَوْ خَوْفِ وُقُوعِهِ يَدْخُلُ فِيهِ الصُّلْحُ عَنْ الْمَحْجُورِ وَمَا شَابَهَهُ.
الصُّلْحُ جَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ ... لَكِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْإِطْلَاقِ
وَهُوَ كَمِثْلِ الْبَيْعِ فِي الْإِقْرَارِ ... كَذَاكَ لِلْجُمْهُورِ فِي الْإِنْكَارِ
فَجَائِزٌ فِي الْبَيْعِ جَازَ مُطْلَقَا ... فِيهِ وَمَا اُتُّقِيَ بَيْعًا يُتَّقَى
كَالصُّلْحِ بِالْفِضَّةِ أَوْ بِالذَّهَبِ ... تَفَاضُلًا أَوْ بِتَأَخُّرٍ أَبِي
أَخْبَرَ أَنَّ الصُّلْحَ جَائِزَةٌ وَأَنَّ جَوَازَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ.
(التَّوْضِيحُ) " الصُّلْحُ مَأْخُوذٌ مِنْ صَلَحَ الشَّيْءُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا إذَا كَمُلَ وَهُوَ خِلَافُ الْفَسَادِ، وَالصُّلْحُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَقَدْ اصْطَلَحَا وَاصَّالَحَا وَتَصَالَحَا. (وَرَوَى) التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» . اهـ بِبَعْضِ اخْتِصَارٍ. وَالْمُرَادُ بِالْجَائِزِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - الْجَوَازُ الْأَعَمُّ الشَّامِلُ لِلْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ، وَالْمُبَاحِ، وَالْمَكْرُوهِ، وَقَوْلُهُ
لَكِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْإِطْلَاقِ
أَيْ لَكِنَّ جَوَازَهُ لَيْسَ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَيْ فِي كُلِّ صُورَةٍ صُورَةٌ وَفِي وَجْهٍ وَجْهٌ بَلْ هُوَ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ وَمِنْهُ مَا هُوَ غَيْرُ جَائِزٍ ثُمَّ بَيَّنَ وَجْهَ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ الصُّلْحَ كَالْبَيْعِ وَالْبَيْعُ مِنْهُ مَا هُوَ جَائِزٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مَمْنُوعٌ فَكَذَلِكَ الصُّلْحُ فَلِذَلِكَ أَتَى بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ (فَجَائِزٌ) أَيْ فَمَا جَازَ فِي الْبَيْعِ جَازَ فِي الصُّلْحِ وَمَا امْتَنَعَ فِي الْبَيْعِ امْتَنَعَ فِي الصُّلْحِ، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ كَمِثْلِ الْبَيْعِ.) الْبَيْتَيْنِ.
فَقَوْلُهُ (جَازَ فِيهِ) أَيْ فِي الصُّلْحِ، وَ (مَا اُتُّقِيَ بَيْعًا) أَيْ فِي الْبَيْعِ يُتَّقَى فِي الصُّلْحِ، وَالْكَافُ الدَّاخِلَةُ عَلَى (مِثْلِ) زَائِدَةٌ عَلَى حَدِّ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] وَكَوْنُ الصُّلْحِ كَالْبَيْعِ فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ وَهُوَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ، وَأَمَّا عَلَى الْإِنْكَارِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ كَمِثْلِ الْبَيْعِ.) الْبَيْتَ، وَقَوْلُهُ
كَالصُّلْحِ بِالْفِضَّةِ أَوْ بِالذَّهَبِ
الْبَيْتَ هُوَ تَمْثِيلٌ لِبَعْضِ مَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ (وَمَا اُتُّقِيَ بَيْعًا يُتَّقَى) وَ (أَبِي) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْبَاءِ مَبْنِيًّا لِلنَّائِبِ أَيْ أَبَاهُ الْفُقَهَاءُ وَمَنَعُوهُ وَكَأَنَّهُ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ (وَمَا اُتُّقِيَ بَيْعًا يُتَّقَى) (قَالَ فِي الْمُفِيدِ) : " وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ إذَا كَانَ عَلَى طَوْعٍ مِنْ الْمُتَصَالِحَيْنِ لَا يَدْخُلُهُ إكْرَاهٌ وَالصُّلْحُ كَالْبَيْعِ فَمَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ جَازَ فِي الصُّلْحِ، وَمَا امْتَنَعَ فِي الْبَيْعِ امْتَنَعَ فِي الصُّلْحِ. اهـ.
(وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ) " الصُّلْحُ مُعَاوَضَةٌ كَالْبَيْعِ وَإِبْرَاءٌ وَإِسْقَاطٌ ".
(التَّوْضِيحُ) عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ " الْمُعَاوَضَةُ أَخْذُ مَا يُخَالِفُ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى فِيهِ إمَّا فِي الْجِنْسِ أَوْ فِي الصِّفَةِ، وَالْإِبْرَاءُ إسْقَاطُ بَعْضِ مَا فِي الذِّمَّةِ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى فِيهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَالْإِسْقَاطُ وَضْعُ بَعْضِ الْمُدَّعَى فِيهِ الْمُعَيَّنِ كَدَارٍ أُخِذَ بَعْضُهَا " اهـ. وَذُكِرَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ " هَذِهِ احْتِمَالَاتٌ أُخَرُ ".
(وَفِي الْجَوَاهِرِ) " الصُّلْحُ عَنْ الدَّيْنِ كَبَيْعِ الدَّيْنِ وَإِنْ صَالَحَ عَنْ بَعْضِهِ فَهُوَ إبْرَاءٌ مِنْ الْبَعْضِ، وَلَوْ صَالَحَ مِنْ حَالٍّ إلَى مُؤَجَّلٍ مِثْلِهِ أَوْ أَقَلَّ جَازَ وَلَا يَجُوزُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ، وَإِنْ صَالَحَ عَنْ مُؤَجَّلٍ عَلَى حَالِّ بَعْضِهِ وَإِسْقَاطِ بَعْضِهِ لَمْ يَجُزْ، وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا الْقِسْمُ مِنْ الصُّلْحِ بَيْعٌ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيْعِ فِي الْمُعَيَّنِ كَانَ أَوْ فِي الدَّيْنِ، وَيُقَدَّرُ الْمُدَّعَى بِهِ وَالْمَقْبُوضُ كَالْعِوَضَيْنِ فِيمَا يَجُوزُ بَيْنَهُمَا وَمَا يُمْنَعُ، وَتَمْنَعُ الْجَهَالَةُ وَالْغَرَرُ وَوَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ مِنْ جِنْسٍ إلَى أَجَلٍ وَالْوَضْعُ عَلَى التَّعْجِيلِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُشْبِهُ اهـ.
وَهَذَا كُلُّهُ مُنْدَرِجٌ فِي قَوْلِهِ (فَجَائِزٌ فِي الْبَيْعِ) الْبَيْتُ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَالصُّلْحِ بِالْفِضَّةِ) إلَى أَنَّهُ كَمَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَبِيعَ فِضَّةً مَصُوغَةً بِفِضَّةٍ مَسْكُوكَةً أَكْثَرَ مِنْهَا أَوْ ذَهَبٍ مَسْكُوكًا بِذَهَبٍ مَصُوغٍ أَكْثَرَ مِنْهُ فَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ الصُّلْحُ عَنْ أَحَدِهِمَا بِجِنْسِهِ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ وَلَوْ يَدًا بِيَدٍ لِفَوَاتِ الْمُمَاثَلَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ الصُّلْحُ عَنْ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ كَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ، وَبِالْعَكْسِ نَسِيئَةً، وَلَوْ مِثْلًا بِمِثْلٍ لِفَوَاتِ الْمُنَاجَزَةِ، وَأَمَّا

اسم الکتاب : شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام المؤلف : ميارة    الجزء : 1  صفحة : 143
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست