اسم الکتاب : الشورى فريضة إسلامية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 21
وقد أجمع قادة المهاجرين على تأييد فكرة التقدم لملاقاة العدو [1]، فقام أبوبكر الصديق، فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب، فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله، امضي لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى "أذهب أنت وربك فقاتلا" "المائدة، آية: 24". ولكن نقاتل عن يمينك، وعن شمالك وبين يديك وخلفك، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسّره يعني: قوله [2] وفي رواية: قال المقداد: يا رسول الله، إنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: "قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ " (المائدة، آية: 24) ولكن: أمض ونحن معك، فكأنه سَُّري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [3].
وبعد ذلك عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشيروا عليّ أيها الناس وكان إنّما يقصد الأنصار، لأنهم غالبية جنده، ولأن بيعة العقبة الثانية، لم تكن ظاهرها ملزمة لهم بحماية الرسول صلى الله عليه وسلم خارج المدينة، وقد أدرك الصحابي سعد بن معاذ - وهو حامل لواء الأنصار - مقصد النبيَّ صلى الله عليه وسلم من ذلك، فنهض قائلاً: والله لكانَّك تريدنا يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: "أجل" فقال: لقد آمنَّا بك، وصدَّقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله؛ لما أردت فنحن معك، فو الذي بعثك بالحق؛ لو استعرضت بنا هذا البحر، فخضته لخضناه معك، ما تخلَّف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوَّنا غداً، إنا لصُبُرُّ في الحرب، صُدُقٌ عند اللقاء، ولعلّ الله يريك منا ما تقرُّ به عينك فسِر على بركة الله [4]. [1] موسوعة نضرة النعيم (1/ 288). [2] البخاري رقم 3952. [3] البخاري رقم 4609. [4] مسلم رقم 1179.
اسم الکتاب : الشورى فريضة إسلامية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 21