responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشورى فريضة إسلامية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 137
12 - تكامل المعرفة النظرية والعملية:
في أحيان كثيرة يأتي امتياز الرأي من تماسِّه بالواقع المعاش، ويتفوق بتلك الميزة على الرأي النظري، وإن كان هذا الأخير صحيحاً في إطاره النظري، وحين يكتمل هذان الجانبان الركينان للعلم: الجانب النظري والجانب العملي، أو جانب فقه الأوراق وفقه الواقع، يأتي القرار أصوب ما يكون، وهنالك من أخبار الشورى في تاريخ الحضارة الإسلامية الكثيرة مما يكشف عن أن تكامل هذين الجانبين كان من أهم عوامل اتخاذ القرار الصحيح منها ـ على سبيل المثال ـ ما يرويه القلقشندي عن واقعة غزو المسلمين لصقلية فيقول: ان أحد أمرائها التجأ إلى دولة الأغالبة بتونس، وطلب منهم العون لرفع الحيف الذي لحق به من أمراء آخرين ببلاده، وجمع أمير بني الأغلب المسمى زيادة الله مجلس شوراه من فقهاء القيروان وقضاتها وأعيانها وبحثوا الأمر ملياً [1]، ومال بعض أهل الفقه بمن فيهم الإمام سحنون إلى عدم مهاجمة صقلية لبعدها ولأن بينها وبين المسلمين هدنة وعهداً، بينما مال آخرون من أهل القضاء وفيهم القاضي أسد بن الفرات لاستقصاء الواقع، كما هو شأن القضاة دائماً، فأمر باستدعاء بعض رسل الصقليين واستنطقهم إن كان لدى حكومة صقلية أسرى من المسلمين فأقروا بذلك، فاتخذت تلك حجة على الصقليين لأن شروط الهدنة نصت على أن تمكن حكومة صقلية أسرى المسلمين من الرجوع إلى بلادهم إن أرادوا، فاتخذ حينها قرار الغزو [2].
فهذا يدل على الشورى هي التي مهدت إلى القرار الأصوب بجمعها بين الفقهين النظري والعملي على صعيد واحد، وهذا مجرد مثال من أمثلة كثيرة لتفعيل الشورى في فقه الرأي وفقه الواقع معاً في تاريخ حضارتنا الإسلامية التليدة [3].

[1] نهاية الأدب في معرفة أنساب العرب للقلقشندي صـ 427، 428.
[2] رياض النفوس لأبي عبد الله المالكي (1/ 186).
[3] الشورى د. الصلاحات صـ 54.
اسم الکتاب : الشورى فريضة إسلامية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 137
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست