اسم الکتاب : الطرق السلمية في تغير الحاكم الفاسد المؤلف : يحيى بن علي جغمان الجزء : 1 صفحة : 34
وإن أدى خلعه إلى فتنة احتمل أدنى المضرتين" [1] , وقال المتولي: "إن كان قد حدث في حاله فلهم عزله، وإن كان مستقيم الحال فليس لهم ذلك" [2].
وقال إمام الحرمين- رحمه الله-:"فأما إذا تواصل منه العصيان، وفشا منه العدوان، وظهر الفساد، وزال السداد، وتعطلت الحقوق والحدود، وارتفعت الصيانة، ووضحت الخيانة، واستجرأ الظلمة، ولم يجد المظلوم منتصفاً ممن ظلمه، وتداعى الخلل والخطل إلى عظائم الأمور، وتعطيل الثغور, فلا بد من استدراك هذا الأمر المتفاقم، وذلك أن الإمامة إنما تُعنى لنقيض هذه الحالة، فإذا أفضى الأمر إلى خلاف ما تقتضية الزعامة والإيالة، فيجب استدراكه لا محالة، وترك الناس سدى ملتطمين متقحمين لا جامع لهم على الحق والباطل, أجدى عليهم من تقريرهم اتباع مَنْ هو عون الظالمين، وملاذ الغاشمين، وموئل الهاجمين، ومعتصم المارقين الناجمين, فأقول: إن عسر القبض على يده الممتدة، لاستظهاره بالشوكة العتيدة، والعدد المعدة، فقد شغر الزمان عن القائم بالحق، ودفع إلى مصابرة المحن طبقات الخلق, فإن تيسر نصب إمام مجتمع للخصال المرضية والخلال المعتبرة في رعاية الرعيَّة, تعين البدار إلى اختياره، فإذا انعقدت له الإمامة، واتسقت له الطاعة على الاستقامة، فهو إذ ذاك يدرأ من كان، وقد بان الآن أن يُعَدَّ درؤه في مهمات أموره, فإن أذعن فذاك، وإن تأبى عامله معاملة الطغاة، وقاتله مقاتلة البغاة ... "، إلى أن يقول: " ولكن إن اتفق رجل مطاع ذو أتباع وأشياع، ويقوم محتسباً آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، وانتصب بكفاية المسلمين ما دفعوا إليه, فليمض في ذلك قدماً، والله نصيره [1] الجرجاني: شرح المواقف، الجزء الثامن ص (353). [2] القلقشندي: مآثر الإنافة، الجزء الأول ص (66).
اسم الکتاب : الطرق السلمية في تغير الحاكم الفاسد المؤلف : يحيى بن علي جغمان الجزء : 1 صفحة : 34