اسم الکتاب : الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية بترتيب أحداث السيرة النبوية المؤلف : أبو أسماء محمد بن طه الجزء : 1 صفحة : 253
يصعب على الواحد منهم ترك ذلك الأمر.
فلما جاء الإسلام، وجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتشريع من عند العليم الخبير، لم يُحرم الخمر مرة واحدة بل كان ذلك تدريجيًا، تيسيرًا من الله تعالى على هؤلاء الذين تأصلت فيهم هذه العادة.
فأنزل الله تعالى أولاً: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219].
فشربه بعض الناس وتركه البعض، فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43] فكان المنادي إذا أقام الصلاة قال: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى، فقَالَ عُمَرُ: اللهمَّ بَيِّنْ لَنَا في الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)} [المائدة: 90] إلى قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)} [المائدة: 91] فقَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: انْتَهَيْنَا، انْتَهَيْنَا [1].
وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى نَفَرٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرِينَ، فَقَالُوا: تَعَالَ نُطْعِمْكَ وَنَسْقِكَ خَمْرًا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُمْ في حَشٍّ -الْحَشُّ: الْبُسْتَانُ- فَإِذَا رَأْسُ جَزُورٍ مَشْوِيٌّ عِنْدَهُمْ، وَزِقٌّ مِنْ خَمْرٍ [2]، قَالَ: فَأَكَلْتُ وَشَرِبْتُ مَعَهُمْ، قَالَ: فَذَكَرْتُ الْأَنْصارَ وَالْمُهَاجِرِينَ عِنْدَهُمْ، فَقُلْتُ: الْمُهَاجِرُونَ خَيْرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، قَالَ: فَأَخَذَ رَجُلٌ أَحَدَ لَحْيَيْ [1] صحيح: أخرجه النسائي (5540)، كتاب: الأشربة، باب: تحريم الخمر، وصححه الألباني. [2] الزقُّ: وعاء من جلد.
اسم الکتاب : الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية بترتيب أحداث السيرة النبوية المؤلف : أبو أسماء محمد بن طه الجزء : 1 صفحة : 253