المنزلة، فربما ضيع العمل والازدياد من الخير اتكالاً على ما وصف به" [1].
وفي مثل هذه الحالة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بحثي التراب في وجه المادح، ففي حديث المقداد - رضي الله عنه - أن رجلاً جعل يمدح عثمان - رضي الله عنه -، فعمد المقداد، فجثا على ركبتيه، فجعل يحثو في وجهه الحصباء، فقال له عثمان: ما شأنك؟ فقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب» [2].
وهذه الأخبار التي تمنع المدح وتذمه لا تتعارض مع ما ذكرناه من أخبار تقتضي الإباحة، فقد جُمع بينهما "أنه إن كان عند الممدوح كمال إيمان وحسن يقين ورياضة، بحيث لا يفتن ولا يغتر ولا تلعب به نفسه، فلا يحرم ولا يكره، وإن خيف عليه شيء من ذلك كره مدحه" [3].
وأخرج الإمام أحمد أن معاوية كان لا يدع يوم الجمعة هؤلاء الكلمات اللاتي يحدث بهن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ومن يرد الله به خيراً يفقه في الدين، وإن هذا المال حلو خضر، فمن يأخذه [1] فتح الباري (10/ 477). [2] أخرجه مسلم ح (3002). [3] المجموع، النووي (4/ 651).