خاتمة
إن نظرة متأملة إلى حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم أخرى إلى حياتنا تكشف للبليد قبل الحصيف البون الشاسع الذي يفصلنا عن نبينا - صلى الله عليه وسلم -، ولست أبالغ إذا قلت: إنه يصدق فينا ما قاله أبو الدرداء عن زمن التابعين - وهو فينا أبين وأصدق -: (لو خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليوم إليكم ما عرف شيئاً مما كان عليه هو وأصحابه إلا الصلاة).
لقد اصطفى الله من قبل بني إسرائيل وآتاهم الكتاب والملك والسؤدد {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} (الجاثية:16)، {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ} (الأعراف:173)، فلما خالفوا منهج الله وتنكبوا هدي رسله نزع الله منهم الاصطفاء، وغيَّر حالهم إلى أبأس حال {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} (البقرة: 61)، وهكذا فسنن الله لا تتخلف، ولن تحابينا إذا تنكبنا شرع الله وأعرضنا عن هدي