وفي مرة أخرى دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عند عائشة - عجوزٌ تدعى أم زفر كانت ماشطة لخديجة، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أنت؟» قالت: أنا جَثامة المُزنية، فقال: «بل أنت حَسانة المزنية، كيف أنتم؟ كيف حالكم؟ كيف كنتم بعدنا؟» قالت: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله.
فلما خرجت قالت عائشة: يا رسول الله، تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال؟ فقال: «إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان» [1].
ومن صور الوفاء للزوجة ولغيرها من أصحاب الحقوق الدعاء لهم بعد وفاتهم، فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكر خديجة لم يكن يسأم من ثناء عليها والاستغفار لها [2]، فالاستغفار للميت من خير ما يهدى إليه، وهو دليل وفاء، وحجة صدق في العهد، لا يفرط في فعله كل من يحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ويتأسى به. [1] أخرجه الحاكم في مستدركه (1/ 62)، والبيهقي في الشُعب (6/ 517). [2] أخرجه الطبراني في معجمه الكبير ح (18555).