أسلمت. فقال - صلى الله عليه وسلم - وهو مسرور بإنابة خوات: «الله أكبر، الله أكبر، اللهم اهد أبا عبد الله». فحسن إسلامه وهداه الله [1].
وهكذا فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان يمزح مع أصحابه من غير أن يكون هذا ديدنه، وكان مزاحه - صلى الله عليه وسلم - بقصد الإيناس والتحبب، لا مجرد الهزل واللعب، وكان في مزاحه لا يقول إلا حقاً، وصدق ابن قتيبة بقوله: "وقد درج الصالحون والخيار على أخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التبسم والطلاقة والمزاح بالكلام المجانب للقدح والشتم والكذب " [2]، فهذا أدب النبي - صلى الله عليه وسلم - في المزاح وأدب أصحابه من بعده، فقد وصفهم بكر بن عبد الله فقال: "كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يتبادحون بالبطيخ، فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال" [3]، فمزاحهم لا يشغلهم عن الحق، ولا يغيِّب علامات الجد والرجولة. [1] أخرجه الطبراني في معجمه الكبير ح (4083)، قال الهيثمي: أخرجه الطبراني من طريقين، ورجال أحدهما رجال الصحيح غير الجراح بن مخلد، وهو ثقة. مجمع الزوائد (9/ 401). [2] تأويل مختلف الحديث، ص (294). [3] أخرجه البخاري في الأدب المفرد ح (266)، وصححه الألباني في صحيح الأدب ح (41)، المقصود بالبطيخ ذو القشرة الصفراء اللينة، فالبدح رميك بكل شيء فيه رخاوة. انظر فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد للجيلاني (1/ 366).