كله ولا يقصده، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة» [1].
وأما ما يهدم الدين من المزاح، فهو ما خرج عن دائرة الشرع وضوابطه، وأوقع صاحبه في أبواب الكبائر، ونراه عند كثيرين اليوم، ممن لا يجدون مادة لطرفتهم وظُرْفهم إلا الدين وما يتعلق به من مقدسات، فالبعض يطلق نكاتاً وطُرفاً يتلبسها الاستهزاء ببعض القرآن أو الأنبياء أو الأحكام الفقهية أو العلماء حملة الدين، وهذا باب خطير حذر منه القرآن، واعتبره نوعاً من النفاق.
وقد وقع هذا النوع من المزاح من بعض المنافقين يوم تبوك حين استهزؤوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حين قالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطوناً، ولا أكذب ألسنة، ولا أجبن عند اللقاء.
فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسألهم، فأقروا واعتذروا إليه بأنهم كانوا يمزحون ويهزلون، وأنهم لم يقولوا هذا جادين، فأنزل الله: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ [1] أخرجه الترمذي ح (1184)، وأبو داود ح (2194)، وابن ماجه ح (2039).