الصالحين أو الأتقياء، وهذا مما لا يمكن لأحد القطع فيه، فهو غيب لا يعرفه إلا الله، لذلك ينبغي أن يضيف المادح ما يعلق مدحه بالظن، كقوله: أحسبه تقياً، أو أظنه من الصالحين.
وهذا الأدب سبق إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لمادح عنده: «إن كان أحدكم مادحاً لا محالة فليقل: أحسب كذا وكذا، إن كان يرى أنه كذلك، وحسيبه الله، ولا يُزكي على الله أحداً» [1]، أي "لا أقطع على عاقبة أحد ولا على ما في ضميره لكون ذلك مُغيباً عنه، وجيء بذلك بلفظ الخبر «ولا يزكي على الله أحداً» ومعناه النهي، أي لا تزكوا أحداً على الله، لأنه أعلم بكم منكم" [2].
ولو أصخنا السمع إلى خبرة رجل جرب الحياة وخبَرها، لرأينا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يسدي النصح لأولئك المسارعين بالمدح والثناء على الآخرين بحق وبغير حق، فقد سمع - رضي الله عنه - رجلاً يثني على آخر، فقال له عمر: (أسافرت معه؟) قال: لا، قال: (أخالطته في المبايعة؟) قال: لا، قال: (فأنت جاره صباحُه ومساؤه؟) قال: لا، فقال عمر: (والله الذي لا إله إلا هو ما أراك تعرفه) [3]. [1] أخرجه البخاري ح (6061)، ومسلم ح (3000). [2] فتح الباري، ابن حجر (10/ 477). [3] إحياء علوم الدين (3/ 160).