وأعظمُها فيها طولاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليقل أحدكم بقوله، ولا يستجرُه الشيطان» [1].
وفي موقف ثالث سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - جارية تغني بشعر في ندب من مات في بدر، فلما قالت: وفينا نبي يعلم ما في غد؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقولي هكذا، وقولي ما كنت تقولين» [2] أي من الشعر الذي لا إطراء فيه، وفي هذا الحديث "جواز مدح الرجل في وجهه ما لم يخرج إلى ما ليس فيه .. وإنما أنكر عليها ما ذكر من الإطراء حين أطلق علم الغيب له، وهو صفة تختص بالله تعالى" [3].
لقد رفض - صلى الله عليه وسلم - كل صور الثناء والمبالغة في المدح، الذي يجاوز الحقيقة فقال محذراً وناهياً: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابنَ مريم، فإنما أنا عبدٌ، فقولوا عبد الله ورسوله» [4]، أي: "لاتصفوني بما ليس لي من الصفات تلتمسون بذلك مدحي، كما وصفت النصارى عيسى بما لم يكن فيه، فنسبوه إلى أنه ابن الله، فكفروا بذلك وضلوا" [5]. [1] أخرجه أحمد ح (15872). [2] أخرجه البخاري ح (4001). [3] فتح الباري، ابن حجر (9/ 203). [4] أخرجه البخاري ح (3445). [5] شرح ابن بطال (9/ 254).