responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة الحلبية = إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون المؤلف : الحلبي، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 303
فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث» .
أقول: قد يقال لا منافاة بين الروايتين، لأنه يجوز أنهم لم يخبروه بمبعثه صلى الله عليه وسلم لما وجدوه، فذهب أو ذهب بعد إخبارهم له بذلك للاستيقان، وهذا يفيد أن الرمي بالنجوم إنما كان عند مبعثه: أي عند تقارب زمنه لا قبل ذلك الذي منه زمن ولادته.
وحينئذ يشكل حصول مثل ذلك لإبليس وجنوده عند مولده صلى الله عليه وسلم. ومن ثم قدمنا أنه يجوز أن يكون من خلط بعض الرواة، وهذه الرواية تدل على أن إبليس لم يكن عنده علم بأن سقوط النجم على الشياطين علامة على مبعث النبي صلى الله عليه وسلم والرواية التي قبلها تدل على ذلك كما علمت. وكلتا الروايتين يدل على أنه لم يعلم عينه ولا محله والله أعلم، وقد أشار صاحب الهمزية إلى أن حجب الشياطين كان عند مبعثه صلى الله عليه وسلم بقوله:
بعث الله عند مبعثه الشه ... ب حراسا وضاق عنها الفضاء
تطرد الجن عن مقاعد للسم ... ع كما يطرد الذئاب الرعاء
فمحت آية الكهانة آيا ... ت من الوحي ما لهن انمحاء
أي أرسل الله زمن إرساله صلى الله عليه وسلم الشعل من النار على الجن لأجل حراسة السماء منهم، ولكثرة تلك الشعل ضاقت عنها المفازات حال كون تلك الشهب تطرد الجن عن أمكنة قريبة يقاعدون فيها لأجل أن يسمعوا شيئا من الملائكة المتكلمين بما سيقع في الأرض من المغيبات، وطرد تلك الشهب لأولئك الشياطين في الشدة كطرد الرعاة للذئاب عن الغنم إذا أرادت أن تعدو عليها، فبسبب ذلك الطرد البالغ للجن عن خبر السماء محت آيات من الوحي آية الكهانة التي هي الإخبار بالأمور المغيبة، ما لتلك الآيات من الوحي انمحاء: أي ذهاب، بل هي باقية إلى يوم القيامة. وفيه أنه لزم على كون الغرض من الرمي بالنجوم حفظ الوحي أن ذلك لا يكون إلا عند مبعثه صلى الله عليه وسلم ولا يكون قبل ذلك الذي قبل منه وقت ولادته. وأيضا لو كان ذلك موجودا قبل مبعثه واستمر إلى مبعثه لم تفزع العرب منه عند مبعثه.
وأجيب عن الأول بأنه يجوز أن يكون الغرض الأصلي من الرمي بها حفظ الوحي، فلا ينافي وجود ذلك قبل ذلك عند ولادته إرهاصا وتخويفا.
وكان هذا السؤال الثاني هو الحامل لأبيّ بن كعب على دعوى أنه لم يرم بالنجوم منذ رفع عيسى عليه الصلاة والسلام حتى تنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى بها، ومن ثم قال: فلما رأت قريش أمرا لم تكن تراه فزعوا لعبد يا ليل. ويجاب بأنه يجوز أن يكون الرمي بالنجوم عند المبعث مخالفا للرمي بها قبله، إما لفرط كثرتها وإما لأن الرمي بها بعد المبعث كان من كل جانب. وقيل كان من جانب واحد، وإما لأن الرمي بها صار لا يخطئ أبدا، وقبل ذلك كان يخطئ تارة ويصيب أخرى، فمنهم

اسم الکتاب : السيرة الحلبية = إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون المؤلف : الحلبي، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 303
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست