اسم الکتاب : السيرة الحلبية = إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون المؤلف : الحلبي، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 235
ولا حول ولا قوة إلا بالله، فقال إبراهيم عليه الصلاة والسلام: زيدوا فيها العليّ العظيم. فقالت الملائكة ذلك.
وكان بناء إبراهيم للبيت بعد مضي من عمره مائة سنة، ثم بناه العماليق، ثم بنته جرهم، وقيل عكسه. وقد يتوقف في بناء العماليق له.
أما في الأول فلأن أول من نزل مكة مع هاجر وولدها إسمعيل جرهم، وإنهم بعد إسمعيل وبعض ولده كانوا ولاة البيت. وأما في الثاني، فلأن ولاية البيت كانت لخزاعة بعد جرهم كما تقدم، وكيف يبنون البيت ولا ولاية لهم عليه، إلا أن يقال:
لا مانع أن يكونوا حينئذ أهل ثروة، بخلاف جرهم وخزاعة.
ثم رأيت عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن العماليق كانوا في عزّ وكانت لهم أموال كثيرة، وأن الله سلبهم ذلك لما تظاهروا بالمعاصي، وسلط عليهم الذر حتى خرجوا من الحرم، وتفرقوا وهلكوا، والذر في النمل كالزنبور في النحل.
وفي تاريخ مكة للفاكهي أن العماليق قدموا مكة لما قدم وفد عاد للاستسقاء بالبيت. وقيل كانوا بعرفة. ولما أخرج الله تعالى زمزم لإسماعيل بواسطة جبريل.
ففي «ربيع الأبرار» أن جبريل أخرج ماء زمزم مرتين: مرة لآدم، ومرة لإسمعيل، وعند ذلك تحولوا إلى مكة. قال المقريزي: لما علموا بذلك. وقيل كانوا بعد جرهم، ولا يصح ذلك. ثم رأيت المقريزي قال: وفي كتاب أخبار مكة للفاكهي ما يدل على تقدم بناء جرهم على بناء العمالقة، ولا يصح ذلك لاتفاقهم على أن ولاية العمالقة على مكة كانت قبل ولاية جرهم، وعلى أنه لم يل مكة بعد جرهم إلا خزاعة.
ولا يخفى أن هذا صريح في أن العمالقة بنته ولا بد، وأن بناءهم له كان قبل بناء جرهم له، والعماليق من ولد عملاق أو عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح عليه الصلاة والسلام. قيل وهو أول من كتب بالعربية، وقيل من ولد العيص بن إسحق بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام. ثم بناه قصي جده صلى الله عليه وسلم، وسقفه بخشب الروم وجريد النخل. ثم بنته قريش كما تقدم. ثم بناه بعد قريش عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما أي ويكنى أبا خبيب، بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة، وكني بأبي خبيب لأن خبيبا كان رجلا بالمدينة من النساك، طويل الصلاة، قليل الكلام: أي وعبد الله رضي الله تعالى عنه كان مشابها له في ذلك، فكني به.
هذا، وفي كلام ابن الجوزي أنه كان لعبد الله بن الزبير ولد يقال له خبيب حيث قال خبيب بن عبد الله بن الزبير ضربه عمر بن عبد العزيز بأمر الوليد مائة سوط فمات، لأنه لما حدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا بلغ بنو أبي العاص أربعين رجلا،
اسم الکتاب : السيرة الحلبية = إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون المؤلف : الحلبي، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 235