اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 78
فرعون, ولقد كان هذا من جملة الحكم في كونه صلى الله عليه وسلم أميًّا: (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إذا لاَّرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) [العنكبوت: 48].
4 - إن صدق النبي صلى الله عليه وسلم أربعين سنة مع قومه واشتهاره فيهم بذلك، يستدعي أن يكون صلى الله عليه وسلم من قبل ذلك صادقًا مع نفسه، ولذا فلا بد أن يكون قد قضى في دراسته لظاهرة الوحي على أي شك يخايل لعينيه أو فكره, وكأن هذه الآية جاءت ردًا لدراسته الأولى لشأن نفسه مع الوحي (فَإِن كُنْتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) [يونس: 94].
ولهذا روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد نزول هذه الآية: «لا أشك ولا أسأل» [1].
خامسًا: أنواع الوحي:
تحدث العلماء عن أنواع الوحي فذكروا منها:
1 - الرؤيا الصادقة: وكانت مبدأ وحيه صلى الله عليه وسلم, وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، وقد جاء في الحديث «رؤيا الأنبياء وحي»، قال تعالى في حق إبراهيم عليه السلام: (يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ).
2 - الإلهام: وهو أن ينفث الملك في روعه - أي قلبه من غير أن يراه- كما قال عليه الصلاة والسلام: «إن روح القدس نفث في روعي» [2] أي: إن جبريل عليه السلام نفخ في قلبي: «أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب» [3].
3 - أن يأتيه مثل صلصلة الجرس، أي مثل صوته في القوة، وهو أشده، كما في حديث عائشة: أن الحارث - رضي الله عنه - سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشد علي, فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول» [4]. [1] أخرجه الطبراني 17906، 17908، بسنده عن قتادة، تفسير القرطبي، (8/ 340). [2] حديث صحيح بشواهده (زاد المعاد (1/ 78) مؤسسة الرسالة. [3] نفس المصدر (زاد المعاد 1/ 79). [4] البخاري، كتاب بدء الوحي رقم 2.
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 78