اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 769
أهدمه، قال: لا تقدر على ذلك، قلت: لم؟ قال: تمنع، قلت: حتى الآن أنت في الباطل، ويحك! هل يسمع أو يبصر؟! قال: فدنوت منه فكسرته وأمرت أصحابي فهدموا بيت خزانته فلم يجدوا شيئًا, ثم قلت للسادن: كيف رأيت؟ قال: أسلمتُ لله [1].
ونستفيد من حركة السرايا التي أرسلها رسول الله صلى الله عليه وسلم للقضاء على الأصنام والأوثان أنه لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت بعد القدرة على هدمها وإبطالها يومًا واحدًا، فإنها شعائر الكفر والشرك، وهي أعظم المنكرات، فلا يجوز الإقرار عليها مع القدرة ألبتة.
وهذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثانًا وطواغيت تعبد من دون الله، والأحجار التي تقصد للتعظيم والتبرك والنذر والتقبيل، لا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض مع القدرة على إزالتها، وكثير منها بمنزلة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى أو أعظم شركا عندها وبها [2].
* * *
المبحث الثالث
دروس وعبر وفوائد أولاً: مواقف دعوية وقدرة رفيعة في التعامل مع النفوس:
1 - إسلام سهيل بن عمرو:
قال سهيل بن عمرو: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وظهر، انقحمت [3] بيتي وأغلقت عليَّ بابي، وأرسلت إلى ابني عبد الله بن سهيل أن اطلب لي جوارًا من محمد، وإني لا آمن من أن أقتل، وجعلت أتذكر أثري عند محمد وأصحابه فليس أحد أسوأ أثرًا مني، وإني لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية بما لم يلحقه أحد، وكنت الذي كاتبته، مع حضوري بدرًا وأحدًا، وكلما تحركت قريش كنت فيها، فذهب عبد الله بن سهيل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله, تؤمنه؟ فقال: «نعم»، هو آمن بأمان الله، فليظهر، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حوله: «من لقي سهيل بن عمرو فلا يشد النظر إليه، فليخرج, فلعمري إن سهيلا له عقل وشرف, وما مثل سهيل يجهل الإسلام، ولقد رأى ما كان يوضع فيه أنه لم يكن له بنافع» فخرج عبد الله إلى أبيه، فقال سهيل: كان والله برًّا، صغيرًا وكبيرًا. فكان سهيل يقبل ويدبر، وخرج إلى حنين مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو على شركه حتى أسلم بالجعرانة [4]. [1] انظر: مغازي الواقدي (2/ 870). [2] انظر: السرايا والبعوث النبوية، ص302. [3] أي رميت بنفسي. [4] انظر: مغازي الواقدي (2/ 846، 847) ,المستدرك للحاكم (3/ 381).
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 769