اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 743
وعدتها مائتا ألف مقاتل، من الروم مائة ألف، ومن نصارى العرب مائة ألف، يتبارزون ويتصاولون ثم مع هذا كله لا يقتل من المسلمين إلا اثنا عشر رجلا، وقد قتل من المشركين خلق كثير، هذا خالد وحده يقول: لقد اندقَّت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فما بقى في يدي إلا صفيحة يمانية, فماذا ترى قد قتل بهذه الأسياف كلها؟ دع غيره من الأبطال والشجعان من حملة القرآن، وقد تحكموا في عبدة الصلبان عليهم لعائن الرحمن في ذلك الزمان وفي كل أوان ... ) [1].
8 - من شعر كعب بن مالك في بكاء قتلى مؤتة: حيث قال:
في ليلة وردت عليَّ همومها ... طورًا أحن [2] وتارة أتململ (3)
واعتادني حزن فبت كأنني ... ببنات نعشٍ والسماك موكَّل (4)
وكأنما بين الجوانح والحشى ... مما تأوبني شهاب مدخل (5)
وجدا على النفر الذين تتابعوا ... يومًا بمؤتة أسندوا لم ينقلوا
صلى الإله عليهم من فتية ... وسقى عظامهم الغمام المسبل (6)
صبروا بمؤتة للإله نفوسهم ... حذر الردى ومخافة أن ينكلوا (7)
فمضوا أمام المسلمين كأنهم ... فُنُق عليهن الحديد المرفل (8)
إذ يهتدون بجعفر ولوائه ... قدام أولهم فنعم الأول
حتى تفرجت الصفوف وجعفر ... حيث التقى وعث الصفوف مجدل
فتغير القمر المنير لفقده ... والشمس قد كسفت وكادت تأفل (9)
هذه بعض الأبيات التي بكى بها كعب بن مالك شهداء مؤتة, ولم يتغيب حسان بن ثابت - رضي الله عنه - عن نظم القصائد في بكاء قتلى مؤتة، وبكاء جعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة, فقد كانت المؤسسة الإعلامية تقوم بدورها بتفوق وجدارة وتتعبد المولى عز وجل بما أخصها به من ملكات ومواهب شعرية فذة.
* * * [1] انظر: البداية والنهاية (4/ 259). [2] أحن: من الحنين, وفي رواية أخن: صوت يخرج من الأنف عند البكاء.
(3) أتململ: أتقلب متبرمًا بمضجعي.
(4) يريد أنه بات يرعى النجوم طول ليله من طول السهاد.
(5) المدخل: النافذ إلى الداخل.
(6) المسبل: الممطر.
(7) صبروا نفوسهم: حبسوها على ما يريدون، ينكلوا: يرجعوا هائبين.
(8) فنق: الفحول من الإبل والمرفل: الذي تنجر أطرافه على الأرض، يريد أن دروعهم سابغة.
(9) تأفل: تغيب، السيرة النبوية لابن هشام (4/ 33، 34).
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 743