اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 729
رأيي عما كان عليه، وكتمت على أصحابي إسلامي ثم خرجت عامدًا إلى رسول الله لأسلم، فلقيت خالد بن الوليد، وذلك قبيل الفتح، وهو مقبل من مكة، فقلت: أين يا أبا سليمان؟ قال: والله لقد استقام المنسم [1]، وإن الرجل لنبي، أذهب والله فأسلم، فحتى متى؟ قال: قلت: والله ما جئت إلا لأسلم، قال: فقدمنا المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم خالد بن الوليد، فأسلم، وبايع، ثم دنوت، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي، ولا أذكر ما تأخر، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عمرو، بايع فإن الإسلام يجب ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها» قال: فبايعته ثم انصرفت [2]. وفي رواية قال: فلما جعل الله الإسلام في قلبي
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، قال: فقبضت يدي، قال: «ما لك يا عمرو؟» قال: قلت: أردت أن أشترط, قال: «تشترط بماذا؟» قلت: أن يُغفر لي, قال: «أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله؟» [3].
2 - إسلام خالد بن الوليد - رضي الله عنه -:
وهذا خالد بن الوليد يحدثنا عن قصة إسلامه فيقول: ( .. لما أراد الله بي من الخير ما أراد قذف في قلبي حب الإسلام وحضرني رشدي، وقلت: قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد، فليس موطن أشهده إلا أنصرف وأنا أرى في نفسي أني مُوضع في غير شيء وأن محمدًا سيظهر، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية خرجت في خيل المشركين فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه بعسفان، فقمت بإزائه وتعرضت له، فصلى بأصحابه الظهر آمنًا منا، فهممنا أن نغير عليه، ثم لم يعزم لنا -وكانت فيه خيرة- فاطلع على ما في أنفسنا من الهموم فصلى بأصحابه صلاة العصر صلاة الخوف، فوقع ذلك مني موقعًا وقلت: الرجل ممنوع، وافترقنا وعدل عن سنن خيلنا وأخذ ذات اليمين، فلما صالح قريشًا بالحديبية ودافعته قريش بالروح قلت في نفسي: أي شيء بقي؟ أين المذهب إلى النجاشي؟ فقد اتبع محمدًا، وأصحابه آمنون عنده، فأخرج إلى هرقل؟ فأخرج من ديني إلى نصرانية أو يهودية، فأقيم مع عجم تابعًا، أو أقيم في داري فيمن بقي؟ فأنا على ذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة القضية، فتغيبت فلم أشهد دخوله، وكان أخي الوليد بن الوليد قد دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية، فطلبني فلم يجدني فكتب إلي كتابًا فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد: فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام, وعَقْلُك عَقْلُك، ومثل الإسلام جهله أحد؟ وقد سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم عنك فقال: أين خالد؟ فقلت: يأتي الله به؟ فقال: ما مثله جهل الإسلام، ولو كان جعل [1] استقام المنسم: تبين الطريق ووضح. [2] انظر: صحيح السيرة النبوية، ص494. [3] مسلم، كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله، رقم 121.
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 729