responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 633
زينب ومعاملتها له ورغبته في طلاقها يقول: (أمسك عليك زوجك واتق الله) أي اتق الله ودع طلاقها، أو اتق الله فيما تذكره من سوء عشرتها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخفي في نفسه ما أبلغه الله به أن زيدًا سيطلقها، وأنها ستكون زوجة له، ويخشى متى وقع هذا من كلام الناس في قولهم: تزوج مطلقة من تبناه وهو زيد بن حارثة. روى أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: (جاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اتق الله وأمسك زوجك» قال أنس: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتمًا شيئًا من الوحي لكتم هذه الآية) [1].
3 - في قوله تعالى: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا) منقبة عظيمة لزيد بن
حارثة - رضي الله عنه - فقد انفرد بهذا، إذ لم يسم القرآن أحدًا من الصحابة غيره، قال السهيلي: (كان يقال: زيد بن محمد حتى نزل (ادْعُوهُمْ لآَبَائِهِمْ) فقال: أنا زيد بن حارثة، وحرم عليه أن يقول: أنا زيد بن محمد، فلما نزع عنه هذا الشرف وهذا الفخر, وعلم الله وحشته من ذلك شرفه بخصيصة لم يكن يخص بها أحدًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, وهي أنه سماه في القرآن، فقال تعالى: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا) يعني من زينب, ومن ذكره الله تعالى باسمه في الذكر الحكيم حتى صار اسمه قرآنًا يتلى في المحاريب، نوه به غاية التنويه، فكان في هذا تأنيس له وعوض من الفخر بأبوة محمد صلى الله عليه وسلم له. ألا ترى إلى قول أبي بن كعب حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك سورة كذا» فبكى، وقال: أو ذكرت هنالك؟ وكان بكاؤه من الفرح حين أخبر أن الله تعالى ذكره، فكيف بمن صار اسمه قرآنًا يتلى مخلدًا لا يبيد, يتلوه أهل الدنيا إذا قرؤوا القرآن، وأهل الجنة أبدًا, لا يزال على ألسنة المؤمنين، كما لا يزال مذكورًا على الخصوص عند رب العالمين، إذ القرآن كلام الله القويم وهو باقٍ لا يبيد، فاسم زيد هذا في الصحف المكرمة المرفوعة المطهرة تذكره في التلاوة السفرة الكرام البررة، وليس ذلك لاسم من أسماء المؤمنين إلا لنبي من الأنبياء ولزيد بن حارثة تعويضًا من الله تعالى له ما نزع منه [2].
4 - زواج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش رضي الله عنها كان بأمر ربه، وهو الذي زوَّجه إياها, قال تعالى: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) [الأحزاب: 37].
وفي هذا شرف عظيم ومنقبة جليلة لزينب رضي الله عنها، كانت تفاخر بها

[1] البخاري في التوحيد (4/ 388) رقم 7420.
[2] انظر: تفسير القرطبي (14/ 194).
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 633
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست