اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 618
بني قريظة، وكان سعد قد دعا أيضًا: (ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم فيهم إليه، فحكم فيهم بالحق ولم تأخذه في الله لومة لائم, وهذا دليل على تجرد قلبه لله تعالى [1].
* ومن إكرام رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله للأنصار عندما جاء سعد للحكم في بني قريظة: «قوموا إلى سيدكم» [2].
وهذا تكريم لسعد، وتقدير لشجاعته حيث سماه سيدًا، وأمر بالقيام له [3].
* وعندما نفذ حكم الله في يهود بني قريظة رفع سعد يده يدعو الله ثانية يقول: اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم (يعني قريشًا والمشركين) , فإن كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فافجرها واجعل موتي فيها [4] , وقد استجيب دعاؤه فانفجر جرحه تلك الليلة ومات رحمه الله [5]. ومن خلال دعائه الأول والثاني، نلحظ هذا الدعاء العجيب، دعاء العظماء الذين يعرفون أن رسالتهم في الحياة ليست الاستشهاد فقط، بل متابعة الجهاد إلى اللحظة الأخيرة، فهو المسؤول عن نصرة الإسلام في قومه وأمته [6].
* ونرى من سيرته أنه لو أقسم على الله لأبره، فهو وجيه في السماوات والأرض، فقد شاءت إرادة المولى تعالى أن يعيد الأمر في بني قريظة كله إليه، وأن يطلب بنو قريظة أن يكون الحكم فيهم لسعد بن معاذ.
* إنه لم يحرص كثيرًا على الحياة، بعد انتهاء الجهاد، وانتهاء المسئولية وتأدية الأمانة المناطة به في قيادة قومه لحرب الأحمر والأسود من الناس، فإذا انتهت الحروب ووضعت بين المسلمين وقريش, وشفى غيظ قلبه في الحكم في بني قريظة، وبدا قطف الثمار للإسلام فلا ثمرة أشهى من الشهادة (فافجر جرحى واجعل موتي فيه) [7].
وقد تحققت آماله، فقد أصدر حكمه في بني قريظة وشهد مصرع حلفاء الأمس أعداء اليوم، وها هو جرحه ينفجر [8]. [1] انظر: التاريخ الإسلامي للحميدي (6/ 170). [2] انظر: السيرة النبوية لابن هشام (3/ 263). [3] انظر: صور وعبر من الجهاد النبوي في المدينة، ص265. [4] انظر: السيرة النبوية لابن هشام (3/ 275). [5] انظر: فقه السيرة للبوطي، ص228. [6] انظر: التربية القيادية (3/ 70). [7] انظر: التربية القيادية (4/ 71). [8] المصدر نفسه (4/ 74).
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 618