اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 562
فقالوا: لا ندع أبناءنا, فأنزل الله عز وجل: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) [البقرة: 256] [1].
* * *
المبحث الرابع
غزوة ذات الرقاع أولاً: تاريخها وأسبابها, ولماذا سميت بذات الرقاع؟:
اختلف أهل المغازي والسير في تاريخ هذه الغزوة، وقد ذهب البخاري [2] إلى أنها كانت بعد خيبر، وذهب ابن إسحاق [3] إلى أنها بعد غزوة بني النضير، وقيل بعد الخندق سنة أربع، وعند الواقدي [4] وابن سعد [5] أنها كانت في المحرم سنة خمس.
وقد ذكر البوطي بأن تاريخ الغزوة كان في السنة الرابعة للهجرة بعد مرور شهر ونصف تقريبًا على إجلاء بني النضير، وقال بأن هذا الرأي ذهب إليه أكثر علماء السير والمغازي [6] , وإليه ذهبت.
وأما سبب الغزوة ما ظهر من الغدر لدى كثير من قبائل نجد بالمسلمين، ذلك الغدر الذي تجلى في مقتل أولئك الدعاة السبعين الذين خرجوا يدعون إلى الله تعالى, فخرج صلى الله عليه وسلم قاصدًا قبائل محارب وبني ثعلبة [7]. وقد ذكر الدكتور محمد أبو فارس أن قادمًا قدم المدينة فأخبر المسلمين أن بني محارب وبني ثعلبة من غطفان قد جمعوا الجموع لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا أن سار إليهم في عقر دارهم على رأس أربعمائة مقاتل وقيل سبعمائة مقاتل، ولما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ديارهم خافوا وهربوا إلى رؤوس الجبال، تاركين نساءهم وأطفالهم وأموالهم، وحضرت الصلاة فخاف المسلمون أن يغيروا عليهم، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، وعاد رسول الله إلى المدينة [8].
وقد حققت هذه الحملة العسكرية أغراضها, وتمكنت من تشتيت الحشد الذي قامت به غطفان لغزو المدينة فأرهب تلك القبائل وألقى عليها درسًا بأن المسلمين ليسوا قادرين فقط [1] أبو داود، كتاب الجهاد، باب الأسير يكره على الإسلام (3/ 132) رقم 2682. [2] البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة ذات الرقاع (5/ 62) رقم 4128. [3] انظر: السيرة النبوية لابن هشام (3/ 225). [4] انظر: المغازي للواقدي (1/ 395). [5] انظر: الطبقات لابن سعد (2/ 61). [6] انظر: فقه السيرة النبوية، ص194. [7] نفس المصدر، ص194، 195. [8] انظر: غزوة الأحزاب لأبي فارس، ص14.
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 562