responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 505
جعل سبحانه من سننه في خلقه أن جعل للنصر أسبابًا، وللهزيمة أسبابًا، فمن أخذ بأسباب النصر، وصدق التوكل على الله سبحانه وتعالى حقيقة التوكل نال النصر بإذن الله عز وجل، كما قال تعالى: (سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) [الفتح: 23].
ويتجلى فقه النبي صلى الله عليه وسلم في ممارسة سنة الأخذ بالأسباب في غزوة حمراء الأسد.

خامسًا: غزوة حمراء الأسد:
نجد في بعض الروايات: أن النبي صلى الله عليه وسلم تابع أخبار المشركين بواسطة بعض أتباعه حتى بعد رجوعهم إلى مكة، وبلغه مقالة أبي سفيان يلوم فيها جنده لكونهم لم يشفوا غليلهم من محمد وجنده، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما انصرف أبو سفيان والمشركون من أحد وبلغوا الروحاء [1] قال أبو سفيان: لا محمدًا قتلتم ولا الكواعب أردفتم, شر ما صنعتم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم [2]. وتفيد هذه الرواية خبر استطلاع الرسول صلى الله عليه وسلم أعداءه حتى بعد انتهاء المعركة؛ وذلك لكي يطمئن على عدم مباغتتهم له.
وعندما سمع ما كان تعزم عليه قريش من العودة إلى المدينة خرج بمن حضره يوم أحد من المسلمين دون غيرهم إلى حمراء الأسد.
قال ابن إسحاق: كان أحد يوم السبت للنصف من شوال، فلما كان الغد يوم الأحد سادس عشر من شوال: أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس بطلب العدو، وألا يخرج معنا إلا من حضر بالأمس، فاستأذنه جابر بن عبد الله في الخروج معه فأذن له، وإنما خرج مرهبًا للعدو، وليظنوا أن الذي أصابهم لم يوهنهم عن طلب عدوهم [3]، وقد استجاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لنداء الجهاد حتى الذين أصيبوا بالجروح، فهذا رجل من بني عبد الأشهل يقول: شهدت أحدًا أنا وأخ لي فرجعنا جريحين، فلما أذَّن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج في طلب العدو قلت لأخي وقال لي: أتفوتنا غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والله ما لنا من دابة نركبها، وما منا إلا جريح ثقيل، فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت أيسر جرحًا منه، فكان إذا غلب حملته عقبة [4] ومشى عقبة (نوبة) , حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون [5]. وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حمراء الأسد، واقترب بجنوده من جيش المشركين فأقام فيه ثلاثة

[1] الروحاء: تبعد عن المدينة 73 كيلومترًا في طريق مكة.
[2] انظر: مجمع الزوائد للهيثمي (6/ 121) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير محمد بن منصور الجواز.
[3] انظر: البداية والنهاية (4/ 50).
[4] عقبة: فترة.
[5] المصدر نفسه، (4/ 50).
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 505
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست