اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 493
سبيل الله، وتمنيه ذلك وليس هذا من تمني الموت المنهي عنه [1].
هـ- حنظلة بن أبي عامر - رضي الله عنه - (غسيل الملائكة): لما انكشف المشركون ضرب حنظلة فرس أبي سفيان بن حرب فوقع على الأرض، فصاح حنظلة يريد ذبحه، فأدركه الأسود بن شداد، ويقال له ابن شعوب، فحمل على حنظلة بالرمح فأنفذه ومشى إليه حنظلة بالرمح وقد أثبته، ثم ضرب الثانية فقتله، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إني رأيت الملائكة تغسله بين السماء والأرض بماء المزن، في صحاف الفضة» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فاسألوا أهله ما شأنه؟» فسألوا صاحبته عنه فقالت: خرج وهو جنب حين سمع الهاتفة [2] , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فلذلك غسلته الملائكة» [3].
وفي رواية الواقدي: وكان حنظلة بن أبي عامر تزوج جميلة بنت عبد الله بن أبي ابن سلول، فأدخلت عليه في الليلة التي في صبحها قتال أحد، وكان قد استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت عندها فأذن له، فلما صلى بالصبح غدا يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولزمته جميلة فعاد فكان معها، فأجنب منها ثم أراد الخروج، وقد أرسلت قبل ذلك إلى أربعة من قومها فأشهدتهم أنه قد دخل بها، فقيل لها بعدُ: لم أشهدت عليه؟ قالت: رأيت كأن السماء فرجت فدخل فيها حنظلة ثم أطبقت، فقلت: هذه الشهادة، فأشهدت عليه أنه قد دخل بها، وتعلق بعبد الله بن حنظلة, ثم تزوجها ثابت بن قيس بعد فولدت له محمد بن ثابت بن قيس [4].
وفي هذا الخبر مواقف وعبر منها:
1 - في تعلق جميلة بنت عبد الله بن أبي حنظلة بن أبي عامر حين رأت له تلك الرؤيا التي فسرتها بالشهادة، فالمظنون في مثل هذه الحال أن تحاول الابتعاد عنه حتى لا تحمل منه فتكون بعد ذلك غير حظية لدى الخطاب، لكنها تعلقت به رجاء أن تحمل منه فتلد ولدًا ينسب لذلك الشهيد الذي بلغ درجات عليا في الصلاح أولاً, ثم بما ترجوه من نيله الشهادة، ولقد حصل لها ما أملت به فحملت منه وولدت ولدًا ذكرا سمي عبد الله، وكان له ذكر بعد ذلك، وكان من أعلى ما يفتخر به أن يقول: أنا ابن غسيل الملائكة.
2 - في حرص حنظلة القوي على مقارعة أعداء الله الذي يتمثل في سرعة خروجه إلى الميدان، الأمر الذي لم يتمكن معه من غسل الجنابة.
3 - شجاعته الفائقة تظهر في تصديه لقائد المشركين أبي سفيان بن حرب والقائد غالبًا يكون حوله من يحميه، وهو فارس وحنظلة راجل. [1] انظر: زاد المعاد (3/ 212). [2] أي: سمع منادي رسول الله يدعو للخروج لملاقاة العدو. [3] انظر: صحيح السيرة النبوية، ص289. [4] انظر: المغازي للواقدي (1/ 273).
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 493