responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 457
بعض الأنصار حديثو عهد بالإسلام، ويخشى أن يؤثر فيهم رأس المنافقين عبد الله بن أبي لسمعته الكبيرة فيهم [1] , ولذلك سلك صلى الله عليه وسلم معه أسلوب المداراة والصبر عليه وعلى إساءته تجنبا للفتنة وإظهارًا لحقيقة الرجل من خلال تصرفاته ومواقفه عند من يجهلها، ومن ثم يفر الناس من حوله ولا يتعاطفون معه، وقد حقق هذا الأسلوب نجاحًا باهرًا، فقد ظهرت حقيقة ابن سلول لجميع الناس حتى أقرب الناس إليه ومنهم ولده عبد الله، فكانوا بعدها إذا تكلم أسكتوه، وتضايقوا من كلامه [2] , بل أرادوا قتله كما سيأتي بإذن الله تعالى.
4 - تبرؤ عبادة بن الصامت منهم: لما نقضت العهد بنو قينقاع وكان عبادة بن الصامت أحد بني عوف -لهم من حلف بني قينقاع مثل الذي لهم من عبد الله بن أبي- مشى لرسول الله صلى الله عليه وسلم وخلعهم إليه، وتبرأ إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم من حلفهم، وقال: يا رسول الله، أتولى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وأبرأ من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم [3]. ولما تقرر جلاء بني قينقاع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبادة بن الصامت أن يجليهم، فجعلت بنو قينقاع تقول: يا أبا الوليد من بين الأوس والخزرج -ونحن مواليك- فعلت هذا بنا؟ قال لهم عبادة: لما حاربتم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إني أبرأ إليك منهم ومن حلفهم، وكان ابن أبي وعبادة بن الصامت منهم بمنزلة واحدة في الحلف, فقال عبد الله بن أبي: تبرأت من حلف مواليك؟ ما هذا بيدهم عندك، فذكره مواطن قد أبلوا فيها، فقال عبادة: يا أبا الحباب، تغيرت القلوب، ومحا الإسلام العهود، أما والله إنك لمعصم بأمر سنرى غيَّه غدًا، فقالت بنو قينقاع: يا محمد، إن لنا دينًا في الناس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تعجلوا وضعوا» وأخذهم عبادة بالرحيل والإجلاء، وطلبوا التنفس، فقال لهم: ولا ساعة من نهار, لكم ثلاث لا أزيد عليها, هذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كنت أنا ما نفستكم، فلما مضت ثلاث، خرج في آثارهم حتى سلكوا إلى الشام وهو يقول: الشرف الأبعد الأقصى فالأقصى، وبلغ خلف الذباب ثم رجع ولحقوا بأذرعات [4].
وهكذا خرج بنو قينقاع من المدينة صاغرين قد ألقوا سلاحهم وتركوا أموالهم غنيمة للمسلمين، وهم كانوا من أشجع يهود المدينة، وأشدهم بأسًا، وأكثرهم عددًا وعدة؛ ولذلك لاذت القبائل اليهودية بالصمت والهدوء فترة من الزمن بعد هذا العقاب الرادع، وسيطر الرعب على قلوبهم وخضدت شوكتها [5].

[1] انظر: التاريخ الإسلامي للحميدي (5/ 32).
[2] انظر: الصراع مع اليهود لأبي فارس (1/ 148).
[3] انظر: اليهود في السنة المطهرة (1/ 282، 283).
[4] نفس المصدر (1/ 284، 285).
[5] انظر: الصراع مع اليهود لأبي فارس (1/ 149).
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 457
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست