اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 454
بعضهم إلى طريق نجد العراق، وقد سلكوها بالفعل، وخرج منهم تجار، فيهم أبو سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية, وحويطب بن عبد العزى، ومعهم فضة وبضائع كثيرة، بما قيمته مائة ألف درهم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة أحد أفراد جهاز الأمن الإسلامي يدعى سليط بن النعمان - رضي الله عنه - [1]، فبعث صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في مائة راكب لاعتراض القافلة، فلقيها زيد عند ماء يقال له القردة، وهو ماء من مياه نجد، ففر رجالها مذعورين، وأصاب المسلمون العير وما عليها، وأسروا دليلها فرات بن حيان الذي أسلم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم, وعادوا إلى المدينة، فخمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووزع الباقي بين أفراد السرية [2].
ثانيًا: غزوة بني قينقاع:
ذكر الزهري أنها وقعت في السنة الثانية للهجرة، وذكر الواقدي وابن سعد أنها وقعت يوم السبت للنصف من شوال من السنة الثانية [3]، واتفق معظم من كتب في مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته على أنها وقعت بعد معركة بدر، إذ لم يلتزم يهود بني قينقاع بالمعاهدة التي أبرمها الرسول صلى الله عليه وسلم معهم، ولم يوفوا بالتزاماتهم التي حددتها، ووقفوا من الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين مواقف عدائية، فأظهروا الغضب والحسد عندما انتصر المسلمون في بدر، وجاهروا بعداوتهم للمسلمين [4] , وقد جمعهم النبي صلى الله عليه وسلم في سوقهم بالمدينة ونصحهم، ودعاهم إلى الإسلام، وحذرهم أن يصيبهم ما أصاب قريشًا في بدر [5] , غير أنهم واجهوا النبي صلى الله عليه وسلم بالتحدي والتهديد رغم ما يفترض أن يلتزموا به من الطاعة والمتابعة لبنود المعاهدة التي جعلتهم تحت رئاسته، فقد جابهوه بقولهم: «يا محمد، لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفرًا من قريش كانوا أغمارًُا لا يعرفون القتال، إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وإنك لم تلق مثلنا [6].
وهكذا بدأت الأزمة تتفاعل إذ لم يكن في جوابهم ما يشير إلى الالتزام والاحترام، بل على العكس فإنهم قد أظهروا روحًا عدائيًا، وتحديًا واستعلاء واستعدادًا للقتال، فأنزل الله سبحانه وتعالى فيهم قوله تعالى: (قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ - قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِي الأبْصَارِ) [آل عمران: 12، 13]. [1] انظر: التربية القيادية (3/ 132). [2] انظر: سيرة ابن هشام (3/ 56). [3] انظر: السيرة النبوية الصحيحة (1/ 299). [4] انظر: موسوعة نضرة النعيم (1/ 269). [5] انظر: اليهود في السنة المطهرة (1/ 276). [6] انظر: اليهود في السنة المطهرة (1/ 276).
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 454