responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 409
والخلوص واللجوء لله وحده، والسجود والجثي بين يدي الله سبحانه؛ لكي ينزل نصره. ويبقى مشهد نبيه، وقد سقط رداؤه عن كتفه وهو مادٌّ يديه يستغيث بالله, يبقى هذا المشهد محفورًا بقلبه ووجدانه، يحاول تنفيذه في مثل هذه الساعات، وفي مثل هذه المواطن، حيث تناط به المسئولية وتلقى عليه أعباء القيادة [1].
هـ- وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى:
بعد أن دعا صلى الله عليه وسلم ربه في العريش، واستغاث به خرج من العريش فأخذ قبضة من التراب، وحصَبَ بها وجوه المشركين وقال: «شاهت الوجوه» ثم أمر صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يصدقوا الحملة إثرها ففعلوا، فأوصل الله تعالى تلك الحصباء إلى أعين المشركين فلم يبقَ أحد منهم إلا ناله منها ما شغله عن حاله [2]؛ ولهذا قال الله تعالى: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى) [الأنفال: 17]، ومعنى الآية: أن الله سبحانه أثبت لرسوله ابتداء الرمي، ونفى عنه الإيصال الذي لم يحصل برميته, فالرمي يراد به الحذف والإيصال فأثبت لنبيه الحذف، ونفى عنه الإيصال [3]. ونلحظ أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ بالأسباب المادية والمعنوية وتوكل على الله، فكان النصر والتأييد من الله تعالى، فقد اجتمع في بدر الأخذ بالأسباب بالقدر الممكن مع التوفيق الرباني في تهيئة جميع أسباب النصر متعاونة متكافئة مع التأييدات الربانية الخارقة والغيبية، ففي عالم الأسباب تشكل دراسة الأرض والطقس ووجود القيادة والثقة بها والروح المعنوية لبنات أساسية في صحة القرار العسكري، ولقد كانت الأرض لصالح المسلمين، وكان الطقس مناسبًا للمعركة، والقيادة الرفيعة موجودة والثقة بها كبيرة، والروح المعنوية مرتفعة، وبعض هذه المعاني كان من الله بشكل مباشر وتوفيقه, وبعضها كان من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذًا بالأسباب المطلوبة، فتضافر الأخذ بالأسباب مع توفيق الله وزيد على ذلك التأييدات الغيبية والخارقة فكان ما كان, وذلك نموذج على ما يعطاه المسلمون بفضل الله إذا ما صلحت النيات عند الجند والقادة، ووجدت الاستقامة على أمر الله، وأخذ المسلمون بالأسباب [4].
* * *

المبحث الثالث
نشوب القتال وهزيمة المشركين
اندلع القتال بين المسلمين والمشركين بالمبارزات الفردية، فخرج من جيش المشركين عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد وطلبوا المبارزة، فخرج إليهم ثلاثة من الأنصار، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أرجعهم؛ لأنه أحب أن يبارزهم بعض أهله وذوي قرباه، ولذلك

[1] انظر: التربية القيادية (3/ 36).
[2] انظر: المستفاد من قصص القرآن (2/ 125).
[3] انظر: زاد المعاد (3/ 183).
[4] انظر: الأساس في السنة وفقهها السيرة النبوية (1/ 474).
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 409
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست