responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 405
وتفصيل ذلك فقد اتبع صلى الله عليه وسلم أسلوب الدفاع ولم يهاجم قوة قريش، وكانت توجيهاته التكتيكية التي نفذها جنوده بكل دقة سببًا في زعزعة مركز العدو، وإضعاف نفسيته، وبذلك تحقق النصر الحاسم بتوفيق الله على العدو برغم تفوقه [1]، بنسبة [3] إلى [1], فقد كان صلى الله عليه وسلم يتصرف في كل موقف حسب ما تدعو إليه المصلحة؛ وذلك لاختلاف مقتضيات الأحوال والظروف، وقد طبق الرسول صلى الله عليه وسلم في الجانب العسكري أسلوب القيادة التوجيهية في مكانها الصحيح. أما أخذه بالأسلوب الإقناعي في غزوة بدر فقد تجلى في ممارسة فقه الاستشارة في مواضع متعددة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يقود جنده بمقتضى السلطة، بل بالكفاءة والثقة، وهو صلى الله عليه وسلم أيضا لا يستبد برأيه، بل يتبع مبدأ الشورى وينزل على الرأي الذي يبدو صوابًا، ومارس صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر أسلوب القيادة التوجيهية، فقد تجلى في أمور, منها:
1 - الأمر الأول: أمره صلى الله عليه وسلم الصحابة برمي الأعداء إذا اقتربوا منهم؛ لأن الرمي يكون أقرب إلى الإصابة في هذه الحالة «إن دنا القوم منكم فانضحوهم بالنبل» [2].
2 - الأمر الثاني: نهيه صلى الله عليه وسلم عن سل السيوف إلى أن تتداخل الصفوف [3] «ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم» [4].
3 - الأمر الثالث: أمره صلى الله عليه وسلم الصحابة بالاقتصاد في الرمي [5] «واسْتَبْقُوا نَبْلَكم» [6].
وعندما تقارن هذه التعليمات الحربية بالمبادئ الحديثة في الدفاع تجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سباقًا إليها من غير عكوف على الدرس ولا التحاق بالكليات الحربية، فالنبي صلى الله عليه وسلم يرمي من وراء تعليماته التي استعرضناها آنفا إلى تحقيق ما يعرف حديثًا بكبت النيران إلى اللحظة التي يصبح فيها العدو في المدى المؤثر لهذه الأسلحة، وهذا ما قصده صلى الله عليه وسلم في قوله: «واستبقوا نبلكم».
أ- فرصة الاستفادة من الظروف الطبيعية أثناء قتال الأعداء:
ولم يهمل صلى الله عليه وسلم فرصة الاستفادة من الظروف الطبيعية أثناء قتال العدو، فقد كان يستفيد من كل الظروف في ميدان المعركة لمصلحة جيشه، ومن الأمثلة على ذلك ما فعله صلى الله عليه وسلم قبل بدء القتال يوم بدر، يقول المقريزي: وأصبح صلى الله عليه وسلم ببدر قبل أن تنزل قريش, فطلعت الشمس وهو يصفهم فاستقبل المغرب وجعل الشمس خلفه فاستقبلوا الشمس. (7)

[1] انظر: مقومات النصر، د. أحمد أبو الشباب (2/ 154)
[2] صحيح السيرة النبوية برواية أخرى ونفس المعنى، ص239.
[3] انظر: غزوة بدر الكبرى، ص63، 64، لأبي فارس.
[4] انظر: صحيح السيرة النبوية، ص239.
[5] انظر: غزوة بدر الكبرى، لأبي فارس، ص63، 64.
[6] البخاري، كتاب المغازي، باب من شهد بدرا، رقم 3984، 3985.
(7) انظر: القيادة العسكرية، ص453.
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 405
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست