responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 398
يدلي برأيه حتى في أخطر القضايا، ولا يكون في شعوره احتمال غضب القائد الأعلى، ثم حصول ما يترتب على ذلك الغضب من تدني سمعة ذلك المشير بخلاف رأي القائد وتأخره في الرتبة وتضرره في نفسه أو ماله.
إن هذه الحرية التي ربَّى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه مكنت مجتمعهم من الاستفادة من عقول جميع أهل الرأي السديد والمنطق الرشيد، فالقائد فيهم ينجح نجاحًا باهرًا، وإن كان حديث السن؛ لأنه لم يكن يفكر برأيه المجرد, أو آراء عصبة مهيمنة عليه قد تنظر لمصالحها الخاصة قبل أن تنظر لمصلحة المسلمين العامة، وإنما يفكر بآراء جميع أفراد جنده، وقد يحصل له الرأي السديد من أقلهم سمعة وأبعدهم منزلة من ذلك القائد؛ لأنه ليس هناك ما يحول بين أي فرد منهم والوصول برأيه إلى قائد جيشه [1].
ونلحظ عظمة التربية النبوية التي سرت في شخص الحباب بن المنذر، فجعلته يتأدب أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم دون أن يُطلب رأيه، ليعرض الخطة التي لديه، لكن هذا تم بعد السؤال العظيم الذي قدمه بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم. يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ إن هذا السؤال ليشي بعظمة هذا الجوهر القيادي الفذ الذي يعرف أين يتكلم ومتى يتكلم بين يدي قائده، فإن كان الوحي هو الذي اختار هذا المنزل، فلأن يقدم فتقطع عنقه أحب إليه من أن يلفظ بكلمة واحدة، وإن كان الرأي البشري فلديه خطة جديدة كاملة باستراتيجية جديدة.
إن هذه النفسية الرفيعة، عرفت أصول المشورة، وأصول إبداء الرأي، وأدركت مفهوم السمع والطاعة، ومفهوم المناقشة، ومفهوم عرض الرأي المعارض لرأي سيد ولد آدم، عليه الصلاة والسلام.
وتبدو عظمة القيادة النبوية في استماعها للخطة الجديدة، وتبني الخطة الجديدة المطروحة من جندي من جنودها أو قائد من قوادها [2].

سادسًا: الوصف القرآني لخروج المشركين:
قال تعالى: (وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) [الأنفال: 47].
ينهى المولى عز وجل المؤمنين عن التشبه بالكافرين الذين خرجوا من ديارهم بطرًا ورئاء الناس.

[1] انظر: التاريخ الإسلامي للحميدي (4/ 110).
[2] انظر: التربية القيادية (3/ 21).
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 398
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست