اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 355
إن قوتهم بسبب ضعف إيماننا وبعدنا عن منهج ربنا؛ لأن الإيمان الصحيح تنهار أمامه جميع المؤامرات، وتفشل جميع الخطط، لكن لا بد من نزع عنصر الخوف الذي قتل كثيراً من الهمم، وأحبط كثيراً من الأعمال، والأحداث تؤكد أن (الوهم) قد يقتل.
وحين توجد الفئة المؤمنة الصابرة يتحطم الكيد كله، يهوديًّا، كان أم غير
يهودي، أمام عوامل التصدي والنهوض قال تعالى: (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) [آل عمران:120].
وهذا لا يعني بحال من الأحوال، تجاهل قوة العدو أو التقليل من شأنه حتى لو كان عدوًّا حقيرًا، فضلاً عن عدو مدجج وقديم.
والمطلوب أن نسلك طريق الاعتدال في تقدير حجم العدو، فلا نبالغ في تهويل قوته بما يوهن قوانا ويفتت عزيمتنا ويسوغ لنا الهزيمة، وفي المقابل لا نستهين به أو نتجاهل وجوده [1]. وستمضي في اليهود وغيرهم سنة الله تعالى: (إِنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) [يونس: 81].
* * *
المبحث الرابع
سنة التدافع وحركة السرايا
أولاً سنة التدافع:
إن من السنن التي تعامل معها النبي صلى الله عليه وسلم سنة التدافع، وتظهر جليا في الفترة المدنية مع حركة السرايا والبعوث والغزوات التي خاضها النبي صلى الله عليه وسلم ضد المشركين، وهذه السنة متعلقة تعلقا وطيدا بالتمكين لهذا الدين، وقد أشار الله تعالى إليها في كتابه العزيز وجاء التنصيص عليها في قوله تعالى: (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [البقرة: 251].
وفي قوله تعالى: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج: 40].
ونلاحظ في آية البقرة أنها جاءت بعد ذكر نموذج من نماذج الصراع بين الحق والباطل [1] انظر: قضايا في المنهج، ص86، 87.
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 355