responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 347
فالقرآن الكريم لكي يكون مؤثراً في الأمة لا بد من المربي الرباني الذي يزكي النفوس ويطهر القلوب ويعلمها شرع الله تعالى من خلال القرآن الكريم وسنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم فيشرح للمسلمين غامضه ويبين محكمه، ويفصل مجمله، ويسأل عن تطبيقه، ويصحح خطأ الفهم لهم إن وجد، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلِّم ويربي أصحابه لكي يعلموا ويربوا الناس على المنهج الرباني فتعلم الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم منهج التعليم، ومنهج التربية ومنهج الدعوة، ومنهج القيادة للأمة من خلال ما تسمع وما تبصر، ومن خلال ما تعاني وتجاهد فاستطاع صلى الله عليه وسلم أن يعد الجيل إعداداً كاملاً، ومؤهلاً لقيادة البشرية، وانطلق أصحابه من بعده يحملون التربية القرآنية، والتربية النبوية إلى كل صقع، وأصبحوا شهداء على الناس.
* (وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) ماذا كانوا قبل الوحي، والرسالة وماذا أصبحوا بعد ذلك؟ كانوا في حروب وصراع وجاهلية عمياء، وأصبحوا بفضل الله ومنه وكرمه أمة عظيمة لها رسالة وهدف في الحياة، لا همَّ لها إلا العمل ابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى، وحققوا العبودية لله وحده، والطاعة لله، ولرسوله صلى الله عليه وسلم وانتقلوا من نزعة الفردية والأنانية والهوى إلى البناء الجماعي، بناء الأمة، وبناء الدولة وصناعة الحضارة واستحقت بفضل الله ومنه أعظم وسامين في الوجود [1]: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) [آل عمران: 110] ووسام (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [البقرة: 143].
* (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ) [البقرة: 152] فهذه المنن، وهذه العطايا وهذه الخيرات تحتاج لذكر الله في الغدو والآصال وشكره عليها، وحثهم المولى عز وجل على ذكره، وبكرمه يذكرون في الملأ الأعلى بعدما كانوا تائهين في الصحاري ضائعين في الفيافي.
* (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ) [البقرة: 152] وحقَّ لهذه النعم جميعاً أن تشكر [2].
وهكذا، الآيات الكريمة تربي الصحابة من خلال الأحداث العظيمة، وتصوغ الشخصية المسلمة القوية التي لا ترضى إلا بالإسلام ديناً والتي تعرفت على طبيعة اليهود من خلال

[1] انظر: التربية القيادية، (2/ 438: 442).
[2] انظر: التربية القيادية، (2/ 442).
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 347
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست