اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 242
بأحد، ولم يصلِّ لله بسجدة قط، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة.
وقد روى ابن إسحاق بإسناد حسن عن أبي هريرة أنه كان يقول: «حدثوني عن رجل دخل الجنة لم يصل صلاة قط، فإذا لم يعرفه الناس قال هو أصيرم بني عبد الأشهل» [1].
خامسًا: فوائد ودروس وعبر:
1 - اتجه التخطيط النبوي للتركيز على يثرب بالذات، وكان للنفر الستة الذين أسلموا دور كبير في بث الدعوة إلى الإسلام خلال ذلك العام.
2 - كانت هناك عدة عوامل ساعدت على انتشار الإسلام في المدينة منها:
- ما طبع الله عليه قبائل الخزرج والأوس من الرقة واللين, وعدم المغالاة في الكبرياء وجحود الحق، وذلك يرجع إلى الخصائص الدموية والسلالية التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وفد وفد من اليمن بقوله: «أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا» [2] وهما ترجعان في أصليهما إلى اليمن، نزح أجدادهم منها في الزمن القديم [3] فيقول القرآن الكريم مادحًا لهم: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر: 9].
- ومنها التشاحن والتطاحن الموجودان في قبيلتي المدينة، الأوس والخزرج، وقد قامت بينهما الحروب الطاحنة كيوم بُعاث وغيره، وقد أفنت هذه الحرب كبار زعمائهم ممن كان نظراؤهم في مكة والطائف وغيرها, حجر عثرة في سبيل الدعوة، ولم يبقَ إلا القيادات الشابة الجديدة المستعدة لقبول الحق، إضافة إلى عدم وجود قيادة بارزة معروفة يتواضع الجميع على التسليم لها، وكانوا بحاجة إلى من يأتلفون عليه، ويلتئم شملهم تحت ظله، قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: «كان يوم بُعاث يومًا قدمه الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، فقدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد افترق ملؤهم وقتلت سرواتهم [4] وجُرِّحوا, فقدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في دخولهم الإسلام» [5].
- ومنها مجاورتهم لليهود مما جعلهم على علم -ولو يسير- بأمر الرسالات السماوية، وخبر المرسلين السابقين، وهم في مجتمعهم يعايشون هذه القضية في حياتهم اليومية وليسوا مثل قريش التي لا يساكنها أهل كتاب وإنما غاية أمرها أن تسمع أخبارًا متفرقة عن [1] انظر: السيرة النبوية لأبي شهبة (1/ 444) صحيح السيرة النبوية، ص291. [2] البخاري، كتاب المغازي، باب قدوم الأشعريين، رقم 4388. [3] انظر: السيرة النبوية، لأبي الحسن الندوي، ص154. [4] السروات: الأشراف. [5] البخاري، كتاب المناقب، باب مناقب الأنصار (4/ 367)، رقم 3777.
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 242