اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 145
[3] - اجتماع الملأ من قريش وضربهم الرسول صلى الله عليه وسلم: اجتمع أشراف قريش يوما في الحجر، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من أمر هذا الرجل قط, سفه أحلامنا وسب آلهتنا، لقد صبرنا منه على أمر عظيم، فبينما هم في ذلك طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوثبوا وثبة رجل واحد, وأحاطوا به يقولون: أنت الذي تقول كذا وكذا - لما كان يقول من عيب آلهتهم ودينهم- فيقول: «نعم، أنا الذي أقول ذلك» , ثم أخذ رجل منهم بمجمع ردائه، فقام أبو بكر - رضي الله عنه - دونه وهو يبكي ويقول: أتقتلون رجلا أن يقول: ربي الله [1].
4 - كان أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم من أشد الناس عداوة له، وكذلك كانت امرأته أم جميل من أشد الناس عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم, وكانت تسعى بالإفساد بينه وبين الناس بالنميمة, وتضع الشوك في طريقه، والقذر على بابه فلا عجب, أن نزل فيهما قول الله تعالى: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ - مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ - سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ - وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ - فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ) [المسد] فحين سمعت ما نزل فيها وفي زوجها من القرآن أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس عند الكعبة، ومعه أبو بكر الصديق، وفي يدها فهر من حجارة، فلما وقفت عليهما قالت: يا أبا بكر، أين صاحبك؟ فقد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه. ثم انصرفت، فقال أبو بكر: يا رسول الله أما تراها رأتك؟ فقال: «لقد أخذ الله ببصرها عني»، وكانت تنشد:
مذمم أبينا .. ودينه قلينا .. وأمره عصينا ..
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرح؛ لأن المشركين يسبون مذممًا يقول: «ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذممًا ويلعنون مذممًا وأنا محمد» [2].
وقد بلغ من أمر أبي لهب أنه كان يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأسواق والمجامع، ومواسم الحج ويكذبه [3].
هذا بعض ما لاقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أذية المشركين، وقد ختم المشركون أذاهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمحاولة قتله في أواخر المرحلة المكية [4]. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ما لاقاه من أذى قريش قبل أن ينال الأذى أحدًا من أتباعه يقول: «لقد أخفت في الله عز وجل وما يخاف أحد، ولقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد، ولقد أتت علي ثلاثون من بين يوم وليلة وما لي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال» [5]. [1] انظر: صحيح السيرة النبوية، إبراهيم العلي من طرق أخرى، ص96. [2] صحيح البخاري (فتح الباري 6/ 554، 555). [3] انظر: السيرة النبوية لأبي شهبة (1/ 293). [4] انظر: السيرة النبوية الصحيحة (1/ 153). [5] سنن الترمذي (4/ 645) صححه الألباني صحيح الجامع (5001).
اسم الکتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 145