لمواجهة جالوت [1].
ولما وصلوا بدرا وجدوا أن جيش العدو يفوقهم ثلاثة أضعاف في عدد المقاتلين وألف ضعف في العدة والعتاد. وقبل الحرب بيوم استعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ميدان القتال وأنبأ بأن الله تعالى يهلك غدا فلانا هنا وفلانا هنا.
ووقعت المعركة يوم الجمعة السابع عشر من رمضان (في السنة الثانية للهجرة) وقبل الحرب دعا النبي - صلى الله عليه وسلم -، الله تعالى بتضرع وخشوع وقال: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد" وكذلك تضرع المسلمون إلى الله بنفس الدعاء.
وانهزم أهل مكة بعون الله تعالى وقتل من شجعانهم سبعون وأسر سبعون، وقتل أبو جهل أيضا الذي أثار الناس على المسلمين وتسبب في القتال، وكذلك قتل أحد عشر رجلا من رؤساء مكة الأربعة عشر الذين كانوا قد اجتمعوا في دار الندوة للتشاور في قتل النبي - صلى الله عليه وسلم -، والثلاثة الناجون أسلموا فيما بعد [2].
وكان قانون الحرب المتبع آنذاك، وتحمس المسلمين المظلومين للانتقام وضرورة إلقاء الرعب القتالي في قلوب بقية القبائل، كان كل هذا يقتضي أن يقتل أسرى الحرب، ولكن نبي الله الرحيم أفرج عنهم جميعا بعد دفع الفدية، وكانت فدية العلماء منهم هي تعليم أبناء المسلمين القراءة والكتابة.
وهذه الواقعة توضح التنبؤ الذي ورد في أصحاح أشعياء21/ 16، 17 إذ يقول: "في مدة سنة كسنة الأجير، يفنى كل مجد قيدار وبقية عدد لمحسي أبطال بني قيدار
تقل".
كما يوضمح ما ورد ذكره في القرآن الكريم حين أذن للمسلمين بالقتال يقول تعالى: {إن الله على نصرهم لقدير} ولهذا ورد اسم هذه الغزوة في القرآن الكريم باسم "يوم الفرقان" لأنه وضح لأهل الكتاب وللمسلمين من خلال هذه التنبؤات الدليل القوي على صدق الإسلام، وقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم هذه الواقعة بالألفاظ التالية:
{ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون} (آل عمران: 123). [1] كان المهاجرون أكثر من 66 والأنصار أكثر من 24. [2] صحيح البخاري عن كتاب المغازي (5/ 5) وتاريخ الطبري 2/ 273.