الفصل السابع عشر
الإسلام عمم الهداية الإلهية
للعالم كله مثلما عمم ربوبية الخالق
يدعي بنو اسرائيل أن شرف الوحي الإلهي مختص بأسباط يعقوب، ولم تمنح أمة في العالم هذا الشرف، ويدعي الفرس أن نداء الملك السماوي وصل إلى سلالة ايرج فقط، ونالت أسرة زرادشت وجاماسب فقط هذه الكرامة وحرمتها سائر البلدان، ويدعي سماك (آريه ورت) أن نداء السماء توجه إلى سكان أودية كنكا وجمنا فقط، وحرمته جميع أمم العالم منه، ويدعى أهل الصين أن سكان بلادهم هم المكرمون بكونهم أبناء السماء، ولم يحصل لأحد هذا النور في الشرق الأقصى.
إن هذه الدعاوى عظيمة دون شك، ولها تأثير كبير في إبراز عظمة أمة واحدة فقط، أما نتائج هذه الدعاوى بالنسبة إلى سائر الأمم فهي كما يلي:
أولا: كذبت أمة واحدة أمة أخرى بين يديها وأبطلت ما عندها من الصدق، فلما خص بنو إسرائيل أنفسهم بالوحي الرباني، كذبوا بذلك أديان العالم كلها، وحين ادعى المجوس ما ادعوه فإنهم بذلك كذبوا العالم كله بما فيه بنو إسرائيل، وهكذا يكذب سكان آريه ورت العالمين كلهم وفيهم بنو إسرائيل والمجوس، وادعاء أهل الصين، بأن تعاليم كونفشيوس السماوية خاصة بهم يعني أن بلاد الهند وإيران وكلدان وإسرائيل كلها كانت تتخبط في الظلام.
وهكذا لا يبقى دين يصدقه دين آخر، ولا أمة وصفتها الأمم الأخرى بالصدق. ولما اتهمت كل أمة الأمم الأخرى فكيف يحق لها أن تنجو هي من التهمة؟ إن هذه الأمم جميعا لوثت بصنيعها الجو الصافي وحسبت نفسها بمنجاة من هذا التلوث.
وبعد هذه الدعاوى ضيقت هذه الأديان الشهيرة نطاقها، فخصص بنو إسرائيل منصب الكهانة بأولاد هارون وحدهم وجعل (أتباع سناتن دهرم) نساك (بهويه وهردوار وكاشي) خزنة الجنة والنار (سورك ونرك)، ومنح الكاثوليك الرومان مفاتيح ملك