الفصل الرابع عشر
الإسلام باق في مهده حتى اليوم
إن الموضع الذي ولد فيه زرادشت وبدأ منه وعظه وتبليغه.
والموضع الذي ولد فيه بوذا ومارس فيه رياضته الشاقة، وألقى أول خطبة حول مبادئه.
والوادي أو البئر الذي شاهد في أتقياء الهنادكة محتويات الويد، ومصر والطريق بينها وبين فلسطين، وفلسطين نفسها التي ارتبطت بها معجزات موسى ويوشع بن نون وفتوحهما وحيث مقر خلافة داود وسليمان، وحيث حكم الأسباط الاثنا عشر.
والجبل والصحراء التي انعقدت فيها مجالس بارس ناته.
وهكذا جميع معادن الأديان القديمة وخزائنها صارت تحت سيطرة الغير، وتلاشت آثارها في منابتها، أو تداخلت فيها الأديان والأمم الأخرى وحصلت فيها على الحقوق المدنية مثلها مثل أصحاب الأديان الناشئة فيها، وهكذا لم تبق هناك ميزة في تلك الأرض للأديان التي نشأت فيها.
ويتبين مدى صحة قولنا بالنظر إلى ما حدث في اصطخر وبلخ ونيبال وبنارس وآريه ورت (بنجاب منطقة البنجاب ومعظم مناطق يوبي) وأبو وألموره وجكن ناته جي وست نرائن وكنكا وجمنا.
وبعد تذكر هذا الدرس الذي يدعو إلى العبرة ننظر إلى الحجاز لنجد أن كل موقع له علاقة تاريخية أو دينية مع نبي الإسلام. لا يزال في حيازة المسلمين، بحيث لم يسيطر عليه أحد غير المسلمين منذ بداية الإسلام إلى الآن.
ولاشك أن للسيطرة الأجنبية تأثيرا ظاهرا أو حيا في اللغة والعادات والمآثر والأديان.
إن صحف المجوس المقدسة لم تبق عندهم. والظاهر أن الإسكندر المقدوني لو لم يسيطر على إيران ولو لم تتعرض إيران لملوك الطوائف والحروب الأهلية لما يئس ملك مثل