ولا تسقط الصلاة في السفر والحضر والمرض والفقر والغنى والعبودية والحرية والحبس والرق، بل تبقى فريضة كلما كان العبد عائلا. وتفرض الصلاة قبل الأعمال الأخرى وتبقى فريضة بعدها جميعا، وأول ما يسئل عنه العبد يوم القيامة هو الصلاة.
والصلاة هي عماد الدين، وعظمة الإسلام، وعلى هذا الأساس قام بناء الإسلام، تبنى المساجد ويعلن الآذان، ويعين الخطباء والأئمة ويكرم الحفاظ ويزين المحراب من أجل الصلاة ويبدو فضل علماء الدين فوق المنابر.
والصلاة تعلم درس الاجتماع ودرس التنظيم، وتعود الناس على المحافظة على الأوقات، وتجمع مختلفي الاتجاهات في مركز واحد، وتعلم إطاعة الأمير الذي انتخبه القوم.
والصلاة تحمل العبد على تطهير الجسم واللباس والمكان، وتعلمه الاستيقاظ وقت السحر، وتحافظ على صحة الإنسان وماله ووقته بإبعاده عن الملاهي والمسارح ومواضع الفجور، وهي تورث في القلب شعورا وإحساسا يجذب قلب العبد إلى رب العالمين.
والصلاة تكرم الإنسان بالحضور في جانب رب العالمين، وتكشف سر مناجاة العبد لربه، وهي كمال العبودية وتمام الإنسانية، وهي التي تهدي إلى الأخلاق الحسنة وتنهي عن العادات السيئة، وهي المغفرة والرحمة والنور والبرهان، وبها يرسخ يقين علم رب العالمين وقدرته، وبها تقوى صلة الأخوة العالمية بين المسلمين، وبها تقطع مراتب الإحسان وتشع أنوار الرسالة المحمدية. والدين الذي لا صلاة فيه ليس دينا، وقد جاء وصف الصلاة بأنها معراج المؤمنين. ووصف العبد في حالة السجود بكونه أقرب ما يكون إلى الله.
وقد أدرك صلحاء الأمة أن النفس القلقة تجد سكينتها في الصلاة، والقلب الغارق في التفكير يجد لذة الإنابة إلى الله في الصلاة، والصلاة هي التي تؤثر في جسم الإنسان وقلبه وذهنه ونفسه وروحه وسره وعلنه، والصلاة تجعل الإنسان في حالة الخائف الراهب ملكوتي الصفات.
ومن أدلة فضل الإسلام على جميع الأديان أنه هو الدين الذي يأتي بالعبد إلى جناب الله خمس مرات، ويتيح أمامه فرصة التكلم والمناجاة مع الله دون واسطة. وإذا كانت هذه البركات لصلوات عامة المسلمين فلا شك أن صلاة النبي (ص) فاقت صلوات