بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فظن أنه قد نجح، فإذا به قد عثرت فرسه فخر عنها، فنهض وأقام فرسه، ومضى، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يمضي وهو يتلو القرآن الكريم يطلب من الله الخير، فإذا بأصحابه يخبرونه بإدراك عدوهم إياهم، فيقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم فقنا شره" ولم تكد كلماته المباركة تخرج من فمه حتى ساخت يدا فرس سراقة في الأرض، فخر عنها سراقة، وعلم أن الرعاية الإلهية لنبيه غالبة لا محالة، فطلب الأمان فأمنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقدم سراقة وقال إني أمنع منك كل طالب يطلبك، وقام عامر بن فهيرة بناء على طلبه وعلى أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكتب له خطاب الأمان [1].
وبعد الخروج من الغار مر هذا الركب المبارك في أول يوم بخيمة أم معبد وهي امرأة من خزاعة، اشتهرت بكرمها وحفاوتها بالمسافرين تطعمهم وتسقيهم، وكان المسافرون يستريحون عندها.
وصل الركب عندها فسألها النبي - صلى الله عليه وسلم - هل عندها شيء من طعام، فقالت، لا، لو كان عندي شيء لأحضرته لكم.
استراحة النبي - صلى الله عليه وسلم - في خيمة أم معبد:
فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في ركن الخيمة شاة، فسألها، ما هذه الشاة؟ قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أتأذنن لي أن أحلبها؟ قالت أم معبد"إن رأيت بها حلبا فاحلبها".
فمسح النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده على ضرعها وسمى الله ودعا ودعا بإناء فحلب فيه حتى علته الرغوة وسقط على الأرض، فشرب الرسول وأصحابه، ثم حلب الشاة فامتلأ الإناء فشرب أصحابه، وحلبها للمرة الثالثة وترك الإناء لأم معبد وارتحلوا.
وحضر زوج أم معبد بعد قليل، فلما رأى اللبن عجب وقال: من أين لك هذا؟ فقالت أم معبد، مر بنا رجل مبارك وكان هذا اللبن من بركة قدومه علينا، فقال: إنه [1] ورد في صحيح البخاري أن سراقة المشهور بسراقه بن جعثم هو سراقة بن مالك بن جعثم الكناني، كانت قبيلته مسيطرة على رابغ وجاء في الاستيعاب أنه لما رجع سراقة قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟ " وأسلم سراقة بعد غزوة أحد وفي عهد عمر رضي الله عنه فتحت المدائن وجيئ بتاج كسرى وسواريه وحليه أمام عمر رضي الله عنه، فاستدعى أمير المؤمنين سراقة وألبسه سوار كسرى وقال: "الله أكبر، الذي ألبس سوار كسرى لأعرابي".