((اللهم إنك ترى مكاني وتسمع كلامي وتعلم سري وعلانيتي ولا يخفى عليك شيء من أمري وأنا الرجل المشفق والمقر المعترف بذنبي وأنا المستغيث، المستجير، أسالك مسألة المسكين وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل وأدعوك دعاء الخائف الضرير ودعاء من خضعت لك رقبته وفاضت لك عبرته، وذل لك جسمه، ورغم لك أنفه أن لا تجعلني بدعائك شقيا، وكن لي رءوفا رحيما يا خير المسئولين ويا خير المعطين)) [1].
الله أكبر! هذا هو درس المعرفة الذي لو حضر به المؤمنون بقلوبهم وألسنتهم متضرعين إلى الله لأدركتهم رحمة الله عز وجل وأنار طريقهم الحب ورفعهم الإخلاص والصدق إلى منزلة القبول والكرامة، فطوبى لهم.
12 - والزهد حرفتي: الحرفة هي الصنعة أو وجه كسب يتقوت به الإنسان. والزهد في أصل اللغة عدم الرغبة، قال؛ تعالى في سورة يوسف:
{وكانوا فيه من الزاهدين} (يوسف: 20).
وفي مصطلح الشرع يطلق الزهد على عدم الرغبة في الدنيا ومالها ومتاعها.
وقال البعض: الزهد هو عدم الاعتماد على الموجود، وعدم التأسف على المفقود [2].
وقال إمام المحدثين أحمد بن حنبل [3]: الزهد على ثلاثة أقسام:
1 - ترك الحرام، وهذا زهد العامة.
2 - ترك الزائد من الحلال، وهذا زهد الخاصة.
3 - ترك كل شيء يمنع من التوجه إلى الله، وهذا زهد العارفين.
والآن ننظر إلى ألفاظ الحديث نظرة تأمل:
الحرفة طريقة يلتزمها الإنسان لمعاشه، وقد جعل النبي (ص) في الحديث ((الزهد)) حرفته، فمعنى ذلك أن تصرف العناية عن الأشياء والأسباب والوسائل المؤدية إلى غير الله، ويتوجه إلى الله بكل اهتمام وهمة مع عدم المبالاة بالوسائل والوسائط، فالثقة [1] المعجم الكبير للطبراني 1/ 184. [2] مدارج السالكين 2/ 10. [3] أيضا.