القسم الثاني من المعجزات
وهو الاطلاع على الأخبار والأحداث المستقبلية
لا علم لأحد من البشر عن الزمن المستقبل، قال تعالى:
{وما تدري نفس ماذا تكسب غدا}. (لقمان: 34). والغيب لا يملكه إلا رب العالمين:
{له غيب السماوات والأرض} (الكهف: 26).
وإنه تعالى يطلع رسله وأنبياءه على الغيب إذا أراد:
{فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول} (الجن: 27، 26).
إن الجاحدين للمعجزات المادية والمرتمين في أحضان الشكوك والأوهام كثيرون، ولكن مثل هؤلاء الناس لا يستطيعون أيضا تأويل مسألة الإخبار الصحيح بالأحداث المستقبلية، ولذا يدخل هذا أيضا في المعجزات، وهذه قضية أخرى أن تحتل مسألة إظهار أخبار الغيب لدى البعض منزلة أكبر.
وقد أخرج الشيخان عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله (ص) من الوحي الرؤيا الصالحة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح [1].
والناحية التي تفضل بها رؤيا الأنبياء على رؤيا الصالحين أن رؤيا غير الأنبياء تكون في لون التمثيل أيضا، بينما رؤيا الأنبياء تتجلى فيها الحقيقة وقد ورد في القرآن الكريم ذكر رؤيا إمام الخلائق إبراهيم عن ذبح ابنه إسماعيل، قال إبراهيم عليه السلام لابنه إسماعيل: {يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى} (الصافات: 102). وأجاب ابن خليل الرحمن الراغب في لقب ذبيح الله: [1] البخاري 3 بدء الوحي، مسلم 139/ 1 رقم 252.