البركة في الطعام
يراد ببركة الطعام المعجزة التي يكفي بها الطعام القليل عددا كبيرا. ويظهر من مطالعة الإنجيل أن هذه المعجزة ظهرت من المسيح أيضا، فإنه قد أشبع جماعة كبيرة بأربعة أرغفة وثلاث سمكات.
وفي معجزات النبي (ص) ورد ذكر مثل هذه الوقائع غي الأحاديث الصحيحة بكثرة:
1 - فعن أنس قال جئت رسول الله (ص) فوجدته جالسا مع أصحابه يحدثهم وقد عصب بطنه بعصابة. وفي رواية: يقرئ أصحاب الصفة سورة النساء وقد ربط على بطنه
حجرا من الجوع.
فأخبر أنس بذلك والده فذهب فأجر نفسه بصاع من شعير، فعمدت أم سليم إلى نصف مد من شعير فطحنته وعملت منه الخبز ظنا منها أن النبي (ص) لو جاء وحده لشبع جيدا، وإن جاء أحد معه كفانا. قال أنس: ثم أرسلتني إلى رسول الله (ص)، وفي رواية: قال أبو طلحة لأنس: اذهب فقم قريبا من رسول الله (ص) فإذا قام فدعه حتى يتفرق أصحابه ثم اتبعه حتى إذا قام على عتبة بابه فقل له: إن أبي يدعوك. قال: فذهبت به فوجدت رسول الله (ص) في المسجد ومعه الناس، فقال لي رسول الله (ص): ((أرسلك أبو طلحة؟)) فقلت: نعم، قال: ((بطعام؟)).
قلت: نعم، فقال رسول الله (ص) لمن معه: ((قوموا)) فانطلق وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته فقال أبو طلحة: أم سليم قد جاء رسول الله (ص) بالناس، وليس عندنا ما نطعمهم، فقالت: الله ورسوله أعلم، فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله (ص) وقال: يا رسول الله ما عندنا إلا قرص. فلما وصل رسول الله (ص) قال: ((هلمي يا أم سليم ما عندك)) فأتت بذلك الخبز فأمر به ففت وعصرت عليه أم سليم عكة لها فأدمته، ثم قال فيه رسول الله (ص) ما شاء الله أن يقول. وفي رواية قال: ((اللهم أعظم فيها البركة)) ثم قال: ((ائذن لعشرة)) فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا. وهكذا شبعوا كلهم، والقوم ثمانون رجلا [1].
2 - عن جابر أن أباه توفى وعليه دين فأتيت النبي (ص) فقلت: إن أبي ترك عليه دينا [1] البخاري 2578. وانظر فتح الباري 329/ 2.