5 - وأما رقيه إلى السماوات سماء بعد سماء فحقيقته الانسلاخ إلى مستوى الرحمن منزلة لعد منزلة، ومعرفة حال الملائكة الموكلة بها ومن لحق بهم من أفاضل البشر والتدبير الذي أوحاه الله فيها والاختصام الذي يحصل في ملأها.
6 - وأما بكاء موسى فليس بجسد ولكن مثال لفقده عموم الدعوة وبقاء كمال لم يحصل مما هو في وجهه.
7 - وأما سدرة المنتهى فشجرة الكون وترتب بعضها على بعض وانجماعها في تدبير واحد، كانجماع الشجر في الغاذية والنامية ونحوهما، ولم تتمثل حيوانا لأن التدبير الجملي الاجمالي الشبيه للسياسة الكلي أفراده (...)، وإنما أشبه الأشياء به الشجرة دون الحيوان فإن الحيوان قوى تفصيلية والإرادة فيه أصرح من سنن الطبيعة.
8 - وأما الأنهار في أصلها رحمة فائضة في الملكوت حذو الشهادة وحياة وإنماء فلذلك تعين هنالك بعض الأمور النافعة في الشهادة كالنيل والفرات.
9 - وأما الأنوار التي غشيتها فتدليات إلهية وتدبيرات رحمانية تلعلعت في الشهادة حيثما استعدت لها.
10 - وأما البيت المعمور فحقيقته التجلي الإلهي الذي يتوجه إليه سجدات البشر وتضرعاتها يتمثل بيتا على حذو ما عندهم في الكعبة وبيت المقدس.
11 - ثم أتى بإناء من لبن وإناء من خمر فاختار اللبن، فقال جبريل هديت للفطرة ولو أخذت الخمر لغوت أمتك. فكان هو - صلى الله عليه وسلم - جامع أمته ومنشأ ظهورهم، وكأن اللبن اختيارهم الفطرة والخمر اختيارهم لذات الدنيا.
12 - وأمر بخمس صلوات بلسان التجوز، لأنها خمسون باعتبار الثواب ثم أوضح الله مراده تدريجا ليعلم أن الحرج مرفوع وأن النعمة كاملة، وتمثل هذا المعنى مستندا إلى موسى عليه السلام. فإنه أكثر الأنبياء معالجة للأمة ومعرفة بسياستها [1].
(*) أي مشابه للسياسة الكلية وهو أيضا مفرد. [1] ذكر أكثر المؤلفين أن المعراج كان بعد العودة من الطائف، ولكن الإمام الطبري كتب في كتابه "تاريخ الأمم والملوك" أن المعراج وقع في اليوم الثاني بعد البعثة ويؤيده بدليل قوي وهو أن الصلاة فرضت ليلة المعراج وصل النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون منذ ذلك الوقت، فكيف يمكن أن يكون الحكم بفرضية الصلاة قد تأخر إحدى عشرة سنة، ولكن لو صح ما قاله "شاه عبد الحق محدث الدهلوي" =